الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) يونس: 2.
واما وجه خطابه إلى الناس وهو الذي يتلقاه الناس من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو ما يلقيه إلى الناس من المعنى في ضمن تلاوته كلام الله عليهم بعنوان الرسالة أنى أدعوكم إلى الله دعوة نذير وبشير، وهذا الوجه من الخطاب هو الذي عنى به في قوله:
(ان لا تعبدوا إلا الله انني لكم منه نذير وبشير) الخ.
فالآية من كلام الله تفسر معنى إحكام آيات الكتاب ثم تفصيلها بحكاية ما يتلقاه الناس من دعوة الرسول إياهم بتلاوة كتاب الله عليهم، وليس كلاما للرسول بطريق الحكاية ولا بتقدير القول ولا من الالتفات في شئ، ولا ان التقدير: امركم بأن لا تعبدوا أو: (فصلت آياته لان لا تعبدوا إلا الله) بأن يكون قوله:
(لا تعبدوا) نفيا لا نهيا فإن قوله بعد: (وان استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) معطوف على قوله: ان لا تعبدوا الا الله، وهو يشهد بأن (لا تعبدوا) نهى لا نفى.
على أن التقدير لا يصار إليه من غير دليل فافهم ذلك فإنه من لطيف صنعة البلاغة في الآية.
وعلى هذا فقوله: (ان لا تعبدوا الا الله) دعوة إلى توحيد العبادة بالنهي عن عبادة غير الله من الالهة المتخذة شركاء لله، وقصر العبادة فيه تعالى، وقوله:
(وان استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) أمر بطلب المغفرة من الله وقد اتخذوه ربا لهم برفض عبادة غيره ثم أمر بالتوبة والرجوع إليه بالاعمال الصالحة، ويتحصل من الجميع سلوك الطريق الطبيعي الموصل إلى القرب والزلفى منه تعالى، وهو رفض الالهة دون الله ثم طلب المغفرة والطهارة النفسانية للحضور في حظيرة القرب ثم الرجوع إليه تعالى بالاعمال الصالحة.
وقد جئ بأن التفسيرية ثانيا في قوله: (وأن استغفروا) الخ، لاختلاف ما بين المرحلتين اللتين يشير إليهما قوله: أن لا تعبدوا إلا الله) وهى مرحلة التوحيد بالعبادة مخلصا، وقوله: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) وهى مرحلة العمل الصالح وإن كانت الثانية من نتائج الأولى وفروعها.
ولكون التوحيد هو الأصل الأساسي والاستغفار والتوبة نتيجة وفرعا متفرعا