تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١٤١
عليه أورد النذر والبشارة بعد ذكر التوحيد، والوعد الجميل الذي يتضمنه قوله:
(يمتعكم) الخ، بعد ذكر الاستغفار والتوبة فقال: (أن لا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير) فبين به أن النذر والبشرى كائنين ما كانا يرجعان إلى التوحيد و يتعلقان به ثم قال: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا) الخ فإن الآثار القيمة والنتائج الحسنة المطلوبة إنما تترتب على الشئ بعد ما تم في نفسه وكمل بصفاته وفروعه ونتائجه، والتوحيد وإن كان هو الأصل الوحيد للدين على سعته لكن شجرته لا تثمر ما لم تقم على ساقها ويتفرع عليها فروعها وأغصانها، (كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها).
والظاهر أن المراد بالتوبة في الآية الايمان كما في قوله تعالى: (فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك) المؤمنون: 7 فيستقيم الجمع بين الاستغفار والتوبة مع عطف التوبة عليه بثم، والمعنى اتركوا عبادة الأصنام بعد هذا واطلبوا من ربكم غفران ما قدمتم من المعصية ثم آمنوا بربكم.
وقيل: إن المعنى اطلبوا المغفرة واجعلوها غرضكم ثم توصلوا إليه بالتوبة وهو غير جيد ومن التكلف ما ذكره بعضهم أن المعنى: استغفروا من ذنوبكم الماضية ثم توبوا إليه كلما أذنبتم في المستقبل وكذا قول آخر: إن (ثم) في الآية بمعنى الواو لان التوبة والاستغفار واحد.
وقوله: (يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى) الاجل المسمى هو الوقت الذي ينتهى إليه الحياة لا تتخطاه البتة، فالمراد هو التمتيع في الحياة الدنيا بل بالحياة الدنيا لان الله سبحانه سماها في مواضع من كلامه متاعا، فالمتاع الحسن إلى أجل مسمى ليس إلا الحياة الدنيا الحسنة.
فيؤول معنى قوله: (يمتعكم متاعا حسنا) على تقدير كون (متاعا) مفعولا مطلقا إلى نحو من قولنا: يمتعكم تمتيعا حسنا بالحياة الحسنة الدنيوية، ومتاع الحياة إنما يكون حسنا إذا ساق الانسان إلى سعادته الممكنة له، وهداه إلى أماني الانسانية من التنعم بنعم الدنيا في سعة وأمن ورفاهية وعزة وشرافة فهذه الحياة الحسنة تقابل
(١٤١)
مفاتيح البحث: التوبة (1)، الوسعة (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378