وهو يوم البعث بما يتقدمه من عالم القبر وهو البرزخ ثم القيام لرب العالمين والحشر والجمع والسؤال والحساب والوزن وشهادة الاشهاد ثم فصل القضاء ثم الجنة أو النار بما فيهما من الدرجات والدركات.
ثم وصف الرابطة التي بين خلقة الانسان وبين عمله، وما بين عمله وما يستتبعه من سعادة أو شقاوة ونعمة أو نقمة ودرجة أو دركة، وما يتعلق بذلك من الوعد والوعيد والانذار والتبشير بالموعظة والمجادلة الحسنة و الحكمة.
فالآيات القرآنية على احتوائها تفاصيل هذه المعارف الإلهية والحقائق الحقة تعتمد على حقيقة واحدة هي الأصل وتلك فروعه، وهى الأساس الذي بنى عليه بنيان الدين وهو توحيده تعالى توحيد الاسلام بأن يعتقد أنه تعالى هو رب كل شئ لا رب غيره ويسلم له من كل وجهة فيوفى له حق ربوبيته، ولا يخشع في قلب ولا يخضع في عمل إلا له جل أمره.
وهذا أصل يرجع إليه على إجماله جميع تفاصيل المعاني القرآنية من معارفها وشرائعها بالتحليل، وهو يعود إليها على ما بها من التفصيل بالتركيب.
فالسورة تبين ذلك بنحو الاجمال في هذه الآيات الأربع التي افتتحت بها ثم تأخذ في بيانه التفصيلي بسمة الانذار والتبشير بذكر ما لله من السنة الجارية في عباده، وايراد أخبار الأمم الماضية، وقصص أقوام نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليه السلام، وما ساقهم إليه الاستكبار عن إجابة الدعوة الإلهية والافساد في الأرض والاسراف في الامر، ووصف ما وعد الله به الذين آمنوا وعملوا الصالحات وما أوعد الله به الذين كفروا وكذبوا بالآيات، وتبين في خلال ذلك أمورا من المعارف الإلهية الراجعة إلى التوحيد والنبوة والمعاد.
ومما تقدم يظهر ما في قول بعضهم عند ما ذكر غرض هذه السورة: أنها في معنى سورة يونس وموضوعها، وهو أصول عقائد الاسلام في الإلهيات والنبوات والبعث والجزاء وعمل الصالحات، وقد فصل فيها ما أجمل في سورة يونس من قصص الرسل عليهم السلام. انتهى.
وقد عرفت أن السورتين مسوقتان لغرضين مختلفين لا يرجع أحدهما إلى الاخر