يقال: اختلفه أي جعله خلفه، واختلف الناس في كذا ضد اتفقوا فيه، واختلف الناس إليه أي ترددوا بالدخول عليه والخروج من عنده فجعل بعضهم بعضا خلفه.
والمراد باختلاف الليل والنهار إما ورود كل منهما على الأرض خلف الاخر وهو توالى الليل والنهار الراسم للأسابيع والشهور والسنين، وإما اختلاف كل من الليل والنهار في أغلب بقاع الأرض المسكونة فالليل والنهار يتساويان في الاعتدال الربيعي ثم يأخذ النهار في الزيادة في المناطق الشمالية فيزيد النهار كل يوم على النهار السابق عليه حتى يبلغ أول الصيف فيأخذ في النقيصة حتى يبلغ الاعتدال الخريفى وهو أول الخريف فيتساويان.
ثم يأخذ الليل في الزيادة على النهار إلى أول الشتاء وهو منتهى طول الليالي ثم يعود راجعا إلى التساوي حتى ينتهى إلى الاعتدال الربيعي وهو أول الربيع هذا في المناطق الشمالية والامر في المناطق الجنوبية بالخلاف منه فكلما زاد النهار طولا في أحد الجانبين زاد الليل طولا في الجانب الاخر بنفس النسبة.
والاختلاف الأول بالليل والنهار هو الذي يدبر أمر أهل الأرض بتسليط حرارة الأشعة ثم بسط برد الظلمة ونشر الرياح وبعث الناس للحركة المعاشية ثم جمعهم للسكن والراحة، قال تعالى: (وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) النبأ: 11.
والاختلاف الثاني هو الذي يرسم الفصول الأربعة السنوية التي يدبر بها أمر الأقوات والأرزاق كما قال تعالى: (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) حم السجدة: 10.
والنهار واليوم مترادفان إلا أن في النهار - على ما قيل - فائدة اتساع الضياء ولعله لذلك لا يستعمل النهار إلا بعناية مقابلته الليل بخلاف اليوم فإنه يستعمل فيما لا عناية فيه بذلك كما في مورد الاحصاء يقال: عشرة أيام وعشرين يوما وهكذا، ولا يقال: عشرة نهارات وعشرين نهارا وهكذا.
والآية تشتمل على حجة تامة على توحده تعالى في ربوبيته فان اختلاف الليل