مقعد صدق عند مليك مقتدر) القمر: 55 فإن الايمان لما استتبع الزلفى والمنزلة عند الله كان الصدق في الايمان يستتبع الصدق في المنزلة التي يستتبعها فلهم منزلة الصدق كما أن لهم إيمان الصدق.
فإطلاق القدم على المنزلة والمكانة من الكناية ولما كان إشغال المكان عادة إنما هو بالقدم استعملت القدم في المكان إن كان في الماديات، في المكانة والمنزلة إن كان في المعنويات ثم أضيفت القدم إلى الصدق، وهو صدق صاحب القدم في شأنه أي قدم منسوبة إلى صدق صاحبها أو قدم هي صادقة لصدق صاحبها في شأنه.
وهناك معنى آخر وهو أن يراد بالصدق طبيعته كأن للصدق قدما وللكذب قدما وقدم الصدق هي التي تثبت ولا تزول.
وقوله: (قال الكافرون إن هذا لساحر مبين) أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقرئ:
(إن هذا لسحر مبين) أي القرآن ومال القراءتين واحد فإنهم إنما كانوا يرمونه صلى الله عليه وآله وسلم بالسحر من جهة القرآن الكريم.
والجملة كالتعليل لقوله: (كان للناس عجبا) يمثل به معنى تعجبهم وهو أنهم لما سمعوا ما تلاه عليهم من القرآن وجدوه كلاما من غير نوع كلامهم خارقا للعادة المألوفة في سنخ الكلام يأخذ بمجامع القلوب وتتوله إليه النفوس فقالوا: إنه لسحر مبين، وإن الجائى به لساحر مبين.
قوله تعالى: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) لما ذكر في الآية السابقة عجبهم من نزول الوحي وهو القرآن على النبي صلى اله عليه وآله وسلم وتكذيبهم له برميه بالسحر شرع تعالى في بيان ما كذبوا به من الجهتين أعني من جهة أن ما كذبوا به من المعارف المشتمل عليها القرآن حق لا ريب فيه، ومن جهة أن القرآن الذي رموه بالسحر كتاب إلهي حق وليس من السحر الباطل في شئ.
فقوله: (إن ربكم الله) الخ، شروع في بيان الجهة الأولى وهى أن ما يدعوكم إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما يعلمكم القرآن حق لا ريب فيه ويجب عليكم أن تتبعوه.
والمعنى: إن ربكم معاشر الناس هو الله الذي خلق هذا العالم المشهود كله