الذين خلوا من قبلهم، وإنما يحبسون نفوسهم لاية العذاب الإلهي التي تفصل بينك وبينهم فتقضى عليهم لانهم حقت عليهم كلمة العذاب.
ولذا أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلغهم ذلك بقوله: (قل فانتظروا) أي مثل أيام الذين خلوا من قبلكم يعنى يوم العذاب الذي يفصل بيني وبينكم فتؤمنون ولا ينفعكم إيمانكم (إني معكم من المنتظرين).
وقد تبين بما مر أن الاستفهام في الآية إنكاري.
قوله تعالى: (ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا) الجملة تتمة صدر الآية السابقة وقوله: (قل فانتظروا) الخ، جملة معترضة والنظم الأصلي بحسب المعنى (فهل ينتظرون) أي قومك هؤلاء (إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم) من الأمم الذين كانت تحق عليهم كلمة العذاب فنرسل إليهم آية العذاب (ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا).
وإنما اعترض بقوله: (قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين) بين الكلام لأنه يتعلق بالجزء الذي يتقدمه من مجموع الكلام المستفهم عنه فإنه المناسب لان يجعل جوابا لهم، وهو يتضمن انتظار النبي صلى الله عليه وآله وسلم للقضاء بينه وبينهم، وأما تنجيته وتنجية المؤمنين به فإن المنتظر لها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون لا هو وحده، ولا يتعلق هذا الانتظار بفصل القضاء بل بالنجاة من العذاب، وهو مع ذلك لا يتعلق به غرض في المقام الذي سيق فيه الكلام لانذار المشركين لا لتبشير النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين فافهم ذلك.
وأما قوله: (كذلك حقا علينا ننج المؤمنين) فمعناه كما كنا ننجي الرسل والذين آمنوا في الأمم السابقة عند نزول العذاب كذلك ننجي المؤمنين بك من هذه الأمة حق علينا ذلك حقا، فقوله: (حقا علينا) مفعول مطلق قام مقام فعله المحذوف، واللام في (المؤمنين) للعهد والمراد به مؤمنو هذه الأمة، وهذا هو الوعد الجميل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين من هذه الأمة بالانجاء.
وليس من البعيد أن يستفاد من قوله: (ننج المؤمنين) أن فيه تلويحا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يدرك هذا القضاء، وإنما يقع بعد ارتحاله حيث ذكر المؤمنون ولم يذكر