ولو أخذت جهة الرب تعالى أصلا وقيس إليه هذا العالم المادي بما فيه من الموجودات المادية - وهو أيضا نظر حق - كان هذا العالم هو الظل وكانت جهة الرب تعالى هو الأصل والشخص الذي له الظل كما يشير إليه قوله تعالى: (كل شئ هالك إلا وجهه) القصص: 88، وقوله: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك) الرحمن: 27.
وأما ما رواه العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل قال: (بعث الله الرسل إلى الخلق وهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك، ومن كذب حينئذ كذب بعد ذلك).
فظاهره أن للبعث تعلقا بالنطف التي في الأصلاب والأرحام. وهم أحياء عقلاء مكلفون، وهذا مما يدفعه الضرورة كما تقدم في الكلام على آية الذر اللهم إلا أن يحمل على أن المراد كون عالم الذر محيطا بهذا العالم المادي التدريجي الزماني من جهة كونه غير زماني فلا يتعلق الوجود الذرى بزمان دون زمان، وهو مع ذلك محمل بعيد.
* * * ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين - 75. فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين - 76. قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون - 77. قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين - 78. وقال فرعون ائتوني بكل ساحر