لا من قبله تعالى.
وإما كلام له تعالى موضوع بين فقرتين من دعائم المحكى في كلامه أعني قولهم:
" غفرانك ربنا، الخ " وقولهم: " ربنا لا تؤاخذنا، الخ " ليفيد ما مر من الفائدة ويكون تأديبا وتعليما لهم منه تعالى فيكون جاريا مجرى كلامهم لانهم مؤمنون بما أنزل الله، وهو منه، وعلى أي حال فهو مما يعتمد عليه كلامهم، ويتكئ عليه دعاؤهم.
ثم ذكر بقية دعائهم وإن شئت فقل: طائفة أخرى من مسائلهم: " ربنا لا تؤاخذنا " الخ " ربنا لا تحمل علينا إصرا " الخ " ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا " وكأن مرادهم به العفو عما صدر منهم من النسيان والخطأ وسائر موجبات الحرج " واغفر لنا وارحمنا " في سائر ذنوبنا وخطيئاتنا، ولا يلزم من ذكر المغفرة هيهنا التكرار بالنظر إلى قولهم سابقا: " غفرانك ربنا " لأنها كلمة حكيت عنهم لفائدة قياس حالهم وأدبهم مع ربهم على أهل الكتاب في معاملتهم مع ربهم وبالنسبة إلى كتابهم المنزل إليهم، على أن مقام الدعاء لا يمانع التكرار كسائر المقامات.
واشتمال هذا الدعاء على أدب العبودية في التمسك بذيل الربوبية مرة بعد مرة والاعتراف بالمملوكية والولاية، والوقوف موقف الذلة ومسكنة العبودية قبال رب العزة مما لا يحتاج إلى بيان.
وفى القرآن الكريم تأديبات إلهية وتعليمات عالية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأقسام من الثناء يثنى بها على ربه أو المسألة التي يسأله بها كما في قوله تعالى: " قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء " إلى آخر الآيتين " (آل عمران: 26) وقوله تعالى: " قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك " (الزمر: 46) وقوله تعالى: " قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى " (النمل: 59) وقوله تعالى: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله " (الخ) (الانعام: 162) وقوله تعالى: " وقل رب زدني علما " (طه: 114) وقوله: " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين " (الخ) (المؤمنون: 97) إلى غير ذلك من الآيات وهى كثيرة جدا.
ويجمعها جميعا أنها تشتمل على أدب بارع أدب الله به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وندب هو إليه أمته.