من حيث إنه مجتمع وإن كان يوجد بينهم من الافراد الصالح والطالح جميعا وفي صفاتهم الروحية الفضيلة والرذيلة معا وكل لون من ألوان الأخلاق والملكات.
وهذا هو الذي يذكره القرآن من حالهم ويبينه من صفاتهم قال تعالى محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود إلى أن قال وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما: الفتح - 29 فقد بدأ تعالى بذكر صفاتهم وفضائلهم الاجتماعية مطلقة وختم بذكر المغفرة والاجر لافرادهم مشروطة.
قوله تعالى فإن أصابتكم مصيبة أي من قتل أو جرح قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا حتى ابتلي بمثل ما ابتلى به المؤمنون.
قوله تعالى ولئن أصابكم فضل من الله من قبيل غنيمة الحرب ونحوها والفضل هو المال وما يماثله وقوله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم تشبيه وتمثيل لحالهم فإنهم مؤمنون والمسلمون يد واحدة يربط بعضهم ببعض أقوى الروابط وهو الايمان بالله وآياته الذي يحكم على جميع الروابط الاخر من نسب أو ولاية أو بيعة أو مودة لكنهم لضعف إيمانهم لا يرون لأنفسهم أدنى ربط يربطهم بالمؤمنين فيتمنون الكون معهم والحضور في جهادهم كما يتمنى الأجنبي فضلا ناله أجنبي فيقول أحدهم يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما ومن علائم ضعف إيمانهم إكبارهم أمر هذه الغنائم وعدهم حيازة الفضل والمال فوزا عظيما وكل مصيبة أصابت المؤمنين في سبيل الله من قتل أو جرح أو تعب نقمة.
قوله تعالى فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون قال في المجمع يقال شريت أي بعت واشتريت أي ابتعت فالمراد بقوله يشرون الحياة الدنيا بالآخرة أي يبيعون حياتهم الدنيا ويبدلونها الآخرة.
والآية تفريع على ما تقدم من الحث على الجهاد وذم من يبطئ في الخروج إليه ففيها تجديد للحث على القتال في سبيل الله بتذكير أن هؤلاء جميعا مؤمنون قد شروا بإسلامهم لله تعالى الحياة الدنيا بالآخرة كما قال إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة: التوبة - 111 ثم صرح على فائدة القتال الحسنة وأنها الاجر العظيم على أي حال بقوله ومن يقاتل في سبيل الله إلخ.
فبين أن أمر المقاتل في سبيل الله ينتهي إلى إحدى عاقبتين محمودتين أن يقتل