فيفسد معنى الجملة كما لا يخفى.
وقد ظهر أيضا كما تقدمت الإشارة إليه أن هذه الجملة فقد آتينا آل إبراهيم الخ تدل على أن الناس المحسودين هم من آل إبراهيم فيتأيد به أن المراد بالناس النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأما المؤمنون به فليسوا جميعا من ذرية إبراهيم ولا كرامة لذريته من المؤمنين على غيرهم حتى يحمل الكلام عليهم ولا يوجب مجرد الايمان واتباع ملة إبراهيم تسمية المتبعين بأنهم آل إبراهيم وكذا قوله تعالى إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا الآية: آل عمران - 68 لا يوجب تسمية الذين آمنوا بآل إبراهيم لمكان الأولوية فإن في الآية ذكرا من الذين اتبعوا إبراهيم وليسوا يسمون آل إبراهيم قطعا فالمراد بآل إبراهيم النبي أو هو وآله صلى الله عليه وآله وسلم وإسماعيل جده ومن في حذوه.
قوله تعالى وآتيناهم ملكا عظيما قد تقدم أن مقتضى السياق أن يكون المراد بالملك ما يعم الملك المعنوي الذي منه النبوة والولاية الحقيقية على هداية الناس وإرشادهم ويؤيده أن الله سبحانه لا يستعظم الملك الدنيوي لو لم ينته إلى فضيلة معنوية ومنقبة دينية ويؤيد ذلك أيضا أن الله سبحانه لم يعد فيما عده من الفضل في حق آل إبراهيم النبوة والولاية إذ قال فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة فيقوى أن يكون النبوة والولاية مندرجتين في إطلاق قوله وآتيناهم ملكا عظيما.
قوله تعالى فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه الصد الصرف وقد قوبل الايمان بالصد لان اليهود ما كانوا ليقنعوا على مجرد عدم الايمان بما أنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون أن يبذلوا مبلغ جهدهم في صد الناس عن سبيل الله والايمان بما نزله من الكتاب وربما كان الصد بمعنى الاعراض وحينئذ يتم التقابل من غير عناية زائدة.
قوله تعالى وكفى بجهنم سعيرا تهديد لهم بسعير جهنم في مقابل ما صدوا عن الايمان بالكتاب وسعروا نار الفتنة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والذين آمنوا معه.
ثم بين تعالى كفاية جهنم في أمرهم بقوله إن الذين كفروا بآياتنا إلى آخر الآية وهو بيان في صورة التعليل ثم عقبه بقوله والذين آمنوا وعلموا الصالحات إلى آخر الآية ليتبين الفرق بين الطائفتين من آمن به ومن صد عنه ويظهر أنهما في قطبين