والذي يراه الاسلام لقطع منابت هذا الفساد أن حرر الناس في جميع ما يهديهم إليه الفطرة الانسانية ثم قرب ما بين الطبقتين برفع مستوى حياة الفقراء بما وضع من الضرائب المالية ونحوها وخفض مستوى حياة الأغنياء بالمنع عن الاسراف والتبذير والتظاهر بما يبعدهم من حاق الوسط وتعديل ذلك بالتوحيد والأخلاق وصرف الوجوه عن المزايا المادية إلى كرامة التقوى وابتغاء ما عند الله من الفضل.
وهو الذي يشير إليه قوله تعالى واسألوا الله من فضله الآية وقوله إن أكرمكم عند الله أتقاكم: الحجرات - 13 وقوله ففروا إلى الله: الذاريات - 50 وقد بينا فيما تقدم أن صرف وجوه الناس إلى الله سبحانه يستتبع اعتناءهم بأمر الأسباب الحقيقية الواقعية في تحري مقاصدهم الحيوية من غير أن يستتبع البطالة في اكتساب معيشة أو الكسل في ابتغاء سعادة فليس قول القائل إن الاسلام دين البطالة والخمود عن ابتغاء المقاصد الحيوية الانسانية إلا رمية من غير مرمى جهلا هذا ملخص القول في هذا المقصد وقد تكرر الكلام في أطرافه تفصيلا فيما تقدم من مختلف المباحث من هذا الكتاب.
قوله تعالى ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون الآية الموالي جمع مولى وهو الولي وإن كثر استعماله في بعض المصاديق من الولاية كالمولى لسيد العبد لولايته عليه والمولى للناصر لولايته على أمر المنصور والمولى لابن العم لولايته على نكاح بنت عمه ولا يبعد أن يكون في الأصل مصدرا ميميا أو اسم مكان أريد به الشخص المتلبس به بوجه كما نطلق اليوم الحكومة والمحكمة ونريد بهما الحاكم.
والعقد مقابل الحل واليمين مقابل اليسار واليمين اليد اليمنى واليمين الحلف وله غير ذلك من المعاني.
ووقوع الآية مع قوله قبل ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض في سياق واحد واشتمالها على التوصية بإعطاء كل ذي نصيب نصيبه وأن الله جعل لكل موالي مما ترك الوالدان والأقربون يؤيد أن تكون الآية أعني قوله ولكل جعلنا الخ بضميمة الآية السابقة تلخيصا للأحكام والأوامر التي في آيات الإرث ووصية إجمالية لما فيها من الشرائع التفصيلية كما كان قوله قبل آيات الإرث للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون الآية تشريعا إجماليا كضرب القاعدة في باب الإرث تعود إليه تفاصيل أحكام الإرث.