الله لا تحصوها: إبراهيم - 34 ولم يقل وإن تعدوه لا تحصوه لان فيما سألوه ما ليس بنعمة والمقام مقام الامتنان بالنعم واللون على كفرها ولذا ذكر بعض ما سألوه وهو النعمة.
ثم إن ما يفعله الانسان لنفسه ويوقعه على غيره من خير أو شر يرتضيه لمن أوقع عليه وهو إنسان مثله فليس إلا أنه يرتضيه لنفسه ويسأله لشخصه فليس هناك إلا الانسانية ومن ههنا يتضح للانسان أنه أن أحسن لاحد فإنما سأل الله ذلك الاحسان لنفسه دعاءا مستجابا وسؤالا غير مردود وإن أساء على أحد أو ظلمه فإنما طلب ذلك لنفسه وارتضاه لها وما يرتضيه لأولاد الناس ويتاماهم يرتضيه لأولاد نفسه ويسأله لهم من خير أو شر قال تعالى ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات: البقرة - 148 فان معناه أن استبقوا الخيرات لتكون وجهتكم خيرا.
والاشتراك في الدم ووحدة الرحم يجعل عمود النسب وهو العترة شيئا واحدا فأي حال عرضت لجانب من جوانب هذا الواحد وأي نازلة نزلت في طرف من أطرافها فإنما عرضت ونزلت على متنه وهو في حساب جميع الأطراف وقد مر شطر من الكلام في الرحم في أول هذه السورة.
فقد ظهر بهذا البيان أن ما يعامل به الانسان غيره أو ذرية غيره فلا محيص من أن ينعكس إلى نفسه أو ينقلب إلى ذريته إلا أن يشاء الله وإنما استثنينا لان في الوجود عوامل وجهات غير محصورة لا يحيط بجميعها إحصاء الانسان ومن الممكن أن تجرى هناك عوامل وأسباب لم نتنبه لها أو لم نطلع عليها توجب خلاف ذلك كما يشير إليه بعض الإشارة قوله تعالى وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير: الشورى - 30.
قوله تعالى إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا الآية يقال أكله وأكله في بطنه وهما بمعنى واحد غير أن التعبير الثاني أصرح والآية كسابقتها متعلقة المضمون بقوله للرجال نصيب الآية وهى تخويف وردع للناس عن هضم حقوق اليتامى في الإرث.
والآية مما يدل على تجسم الأعمال على ما مر في الجزء الأول من هذا الكتاب في