وكذلك قوله عليه السلام في ذيل الرواية وأيما رجل غضب وهو قائم فليلزم الأرض الخ فأن الغضب إذا كان عن طيش النفس ونزقها كان في ظهوره وغليانه مستندا إلى هواها وإغفال الشيطان إياها وصرفها إلى أسباب واهية وهمية وفي تغيير الحال من القيام إلى القعود صرف النفس عن شأن إلى شأن جديد يمكنها بذلك أن تشتغل بالسبب الجديد فتنصرف عن الغضب بذلك لان نفس الانسان بحسب الفطرة أميل إلى الرحمة منها إلى الغضب ولذلك بعينه ورد في بعض الروايات مطلق تغيير الحال في حال الغضب كما في المجالس عن الصادق عن أبيه عليهما السلام: أنه ذكر الغضب فقال - إن الرجل ليغضب حتى ما يرضى أبدا ويدخل بذلك النار - فأيما رجل غضب وهو قائم فليجلس - فإنه سيذهب عنه رجز الشيطان وإن كان جالسا فليقم - وأيما رجل غضب على ذي رحم فليقم إليه وليدن منه وليمسه - فإن الرحم إذا مست الرحم سكنت أقول وتأثيره محسوس مجرب.
قوله عليه السلام وإنها متعلقة بالعرش تنقضه انتقاض الحديد الخ أي تحدث فيه صوتا مثل ما يحدث في الحديد بالنقر وفي الصحاح الانقاض صويت مثل النقر وقد تقدم في الكلام على الكرسي إشارة إجمالية سيأتي تفصيلها في الكلام على العرش أن المراد بالعرش مقام العلم الاجمالي الفعلي بالحوادث وهو من الوجود المرحلة التي تجتمع عندها شتات أزمة الحوادث ومتفرقات الأسباب والعلل الكونية فهى تحرك وحدها سلاسل العلل والأسباب المختلفة المتفرقة أي تتعلق بروحها الساري فيها المحرك لها كما أن أزمة المملكة على اختلاف جهاتها وشؤونها وأشكالها تجتمع في عرش الملك والكلمة الواحدة الصادرة منه تحرك سلاسل القوى والمقامات الفعالة في المملكة وتظهر في كل مورد بما يناسبه من الشكل والأثر.
والرحم كما عرفت حقيقة هي كالروح السالب في قوالب الاشخاص الذين يجمعهم جامع القرابة فهي من متعلقات العرش فإذا ظلمت واضطهدت لاذت بما تعلقت به واستنصرت وهو قوله عليه السلام تنقضه انتقاض الحديد وهو من أبدع التمثيلات شبه فيه ما يحدث في هذا الحال بالنقر الواقع على الحديد الذي يحدث فيه رنينا يستوعب بالارتعاش الاهتزاز جميع جسامة الحديد كما في نقر الاجراس والجامات وغيرها.