شئ مفروض فهو سبحانه قريب على الاطلاق كما قال تعالى: " ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون " الواقعة - 85، وقال تعالى: " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ق - 16، وقال تعالى: " ان الله يحول بين المرء وقلبه " الأنفال - 24، والقلب هو النفس المدركة.
وبالجملة فملكه سبحانه لعباده ملكا حقيقيا وكونهم عبادا له هو الموجب لكونه تعالى قريبا منهم على الاطلاق وأقرب إليهم من كل شئ عند القياس وهذا الملك الموجب لجواز كل تصرف شاء كيفما شاء من غير دافع ولا مانع يقضي ان لله سبحانه ان يجيب اي دعاء دعى به أحد من خلقه ويرفع بالاعطاء والتصرف حاجته التي سأله فيها فان الملك عام، والسلطان والإحاطة واقعتان على جميع التقادير من غير تقيد بتقدير دون تقدير لا كما يقوله اليهود: ان الله لما خلق الأشياء وقدر التقادير تم الامر، وخرج زمام التصرف الجديد من يده بما حتمه من القضاء، فلا نسخ ولا بداء ولا استجابة لدعاء لان الامر مفروغ عنه، ولا كما يقوله جماعة من هذه الأمة: ان لا صنع لله في أفعال عباده وهم القدرية الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجوس هذه الأمة فيما رواه الفريقان من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: القدرية مجوس هذه الأمة.
بل الملك لله سبحانه على الاطلاق ولا يملك شئ شيئا الا بتمليك منه سبحانه واذن فما شائه وملكه واذن في وقوعه، يقع، وما لم يشأ ولم يملك ولم يأذن فيه لا يقع وان بذل في طريق وقوعه كل جهد وعناية، قال تعالى: " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني " الفاطر - 15.
فقد تبين: ان قوله تعالى: وإذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان، كما يشتمل على الحكم أعني إجابة الدعاء كذلك يشتمل على علله فكون الداعين عبادا لله تعالى هو الموجب لقربه منهم، وقربه منهم هو الموجب لاجابته المطلقة لدعائهم، واطلاق الإجابة يستلزم اطلاق الدعاء فكل دعاء دعي به فإنه مجيبه الا ان ههنا أمرا وهو انه تعالى قيد قوله: أجيب دعوة الداع بقوله إذا دعان، وهذا القيد غير الزائد على نفس المقيد بشئ يدل على اشتراط الحقيقة دون التجوز والشبه، فان قولنا: اصغ إلى قول الناصح إذا نصحك أو أكرم العالم إذا كان عالما يدل على لزوم اتصافه بما يقتضيه حقيقة، فالناصح إذا قصد النصح بقوله فهو الذي