وفي الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، فلا يظن بي إلا خيرا.
أقول: وذلك أن الدعاء مع اليأس أو التردد يكشف عن عدم السؤال في الحقيقة.
كما مر، وقد ورد المنع عن الدعاء بما لا يكون.
وفي العدة أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إفزعوا إلى الله في حوائجكم، والجأوا إليه في ملماتكم، وتضرعوا إليه وادعوه، فإن الدعاء مخ العبادة، وما من مؤمن يدعو الله الا استجاب فإما أن يعجله له في الدنيا أو يؤجل له في الآخرة، واما أن يكفر له من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بمأثم.
وفي نهج البلاغة: في وصية له عليه السلام لابنه الحسين عليه السلام: ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه بما اذن لك فيه من مسألته فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمه واستمطرت شآبيب رحمته، فلا يقنطنك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية، وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لاجر السائل، واجزل لعطاء الامل، وربما سألت الشئ فلا تؤتاه وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، وينفي عنك وباله، والمال لا يبقى لك ولا تبقي له.
أقول: قوله: فإن العطية على قدر النية يريد عليه السلام به: ان الاستجابة تطابق الدعوة فما سأله السائل منه تعالى على حسب ما عقد عليه حقيقة ضميره وحمله ظهر قلبه هو الذي يؤتاه، لا ما كشف عنه قوله وأظهره لفظه، فإن اللفظ ربما لا يطابق المعنى المطلوب كل المطابقة كما مر بيانه فهي أحسن جملة واجمع كلمة لبيان الارتباط بين المسألة والإجابة.
وقد بين عليه السلام بها عدة من الموارد التي يتراءى فيها تخلف الاستجابة عن الدعوة ظاهرا كالابطاء في الإجابة، وتبديل المسؤول عنه في الدنيا بما هو خير منه في الدنيا، أو بما هو خير منه في الآخرة، أو صرفه إلى شئ آخر أصلح منه بحال السائل، فإن السائل ربما يسأل النعمة الهنيئة ولو اوتيها على الفور لم تكن هنيئة وعلى الرغبة فتبطئ إجابتها لان السائل سأل النعمة الهنيئة فقد سأل الإجابة على بطؤ، وكذلك المؤمن المهتم بأمر دينه لو سأل ما فيه هلاك دينه وهو لا يعلم بذلك و يزعم أن فيه سعادته