الدال على القرب ليدل على ثبوت القرب ودوامه، ثم الدلالة على تجدد الإجابة واستمرارها حيث أتى بالفعل المضارع الدال عليهما، ثم تقييده الجواب أعني قوله:
أجيب دعوة الداع بقوله: إذا دعان، وهذا القيد لا يزيد على قوله: دعوة الداع المقيد به شيئا بل هو عينه، وفيه دلالة على أن دعوة الداع مجابة من غير شرط وقيد كقوله تعالى: " ادعوني أستجب لكم " المؤمن - 60، فهذه سبع نكات في الآية تنبئ بالاهتمام في أمر استجابة الدعاء والعناية بها، مع كون الآية قد كرر فيها - على إيجازها - ضمير المتكلم سبع مرات، وهي الآية الوحيدة في القرآن على هذا الوصف.
والدعاء والدعوة توجيه نظر المدعو نحو الداعي، والسؤال جلب فائدة أو در من المسؤول يرفع به حاجة السائل بعد توجيه نظره، فالسؤال بمنزلة الغاية من الدعاء وهو المعنى الجامع لجميع موارد السؤال كالسؤال لرفع الجهل والسؤال بمعنى الحساب والسؤال بمعنى الاستدرار وغيره.
ثم إن العبودية كما مر سابقا هي المملوكية ولا كل مملوكية بل مملوكية الانسان فالعبد هو من الانسان أو كل ذي عقل وشعور كما في الملك المنسوب إليه تعالى.
وملكه تعالى يغاير ملك غيره مغايرة الجد مع الدعوى والحقيقة مع المجاز فإنه تعالى يملك عباده ملكا طلقا محيطا بهم لا يستقلون دونه في أنفسهم ولا ما يتبع أنفسهم من الصفات والافعال وساير ما ينسب إليهم من الأزواج والأولاد والمال والجاه وغيرها، فكل ما يملكونه من جهة إضافته إليهم بنحو من الأنحاء كما في قولنا: نفسه، وبدنه، وسمعه، وبصره، وفعله، واثره، وهى أقسام الملك بالطبع والحقيقة وقولنا: زوجه وماله وجاهه وحقه وهي أقسام الملك بالوضع والاعتبار - إنما يملكونه بإذنه تعالى في استقرار النسبة بينهم وبين ما يملكون أياما كان وتمليكه فالله عز اسمه، هو الذي أضاف نفوسهم واعيانهم إليهم ولو لم يشاء لم يضف فلم يكونوا من رأس، وهو الذي جعل لهم السمع والابصار والأفئدة، وهو الذي خلق كل شئ وقدره تقديرا.
فهو سبحانه الحائل بين الشئ ونفسه، وهو الحائل بين الشئ وبين كل ما يقارنه: من ولد أو زوج أو صديق أو مال أو جاه أو حق فهو أقرب إلى خلقه من كل