على رسوله وعلى المؤمنين " الفتح - 26، وقوله تعالى: " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا " التحريم - 8.
قوله تعالى: كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، تفصيل للاجمال الذي تدل عليه الجملة السابقة، فان ما أنزل إلى رسول الله يدعو إلى الايمان وتصديق الكتب والرسل والملائكة الذين هم عباد مكرمون، فمن آمن بما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد آمن بجميع ذلك، كل على ما يليق به.
قوله تعالى: لا نفرق بين أحد من رسله، حكاية لقولهم من دون توسيط لفظ القول، وقد مر في قوله تعالى: " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم " البقرة - 127، النكتة العامة في هذا النحو من الحكاية، وأنه من أجمل السياقات القرآنية، والنكتة المختصة بالمقام مضافا إلى أن فيه تمثيلا لحالهم وقالهم أن هذا الكلام إنما هو كلام منتزع من خصوص حالهم في الايمان بما أنزل الله تعالى، فهم لم يقولوه إلا بلسان حالهم، وان كانوا قالوه فقد قاله كل منهم وحده وفي نفسه، وأما تكلمهم به لسانا واحدا فليس الا بلسان الحال.
ومن عجيب أمر السياق في هذه الآية ما جمع بين قولين محكيين منهم مع التفرقة في نحو الحكاية أعني قوله تعالى: لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا " الخ "، حيث حكى البعض من غير توسيط القول والبعض الآخر بتوسيطه، وهما جميعا من قول المؤمنين في إجابة دعوة الداعي.
والوجه في هذه التفرقة أن قولهم: لا نفرق " الخ " مقول لهم بلسان حالهم بخلاف قولهم: سمعنا وأطعنا.
وقد بدء تعالى بالاخبار عن حال كل واحد منهم على نعت الافراد فقال: كل آمن بالله ثم عدل إلى الجمع فقال: لا نفرق بين أحد إلى آخر الآيتين، لان الذي جرى من هذه الأمور في أهل الكتاب كان على نعت الجمع كما أن اليهود فرقت بين موسى وبين عيسى ومحمد، والنصارى فرقت بين موسى وعيسى، وبين محمد فانشعبوا شعبا وتحزبوا أحزابا وقد كان الله تعالى خلقهم أمة واحدة على الفطرة، وكذلك المؤاخذة والحمل والتحميل الواقع عليهم إنما وقعت على جماعتهم، وكذلك ما وقع في آخر الآية من سؤال النصرة على الكافرين، كل ذلك أمر مرتبط بالجماعة دون الفرد، بخلاف الايمان