القرآن على ما تقدم: ان ظاهر الآية هو: ان المحاسبة انما تقع على ما كسبته القلوب إما في نفسها وإما من طريق الجوارح، وليس في الخطور النفساني كسب، ولا يتفاوت في ذلك الشهادة وغيرها ولا فرق في ذلك بين المؤمن والكافر، وظاهر المحاسبة هو المحاسبة بالجزاء دون الاخبار بالخطورات والهمم النفسانية، فهذا ما تدل عليه الآية وتؤيده سائر الآيات على ما تقدم.
وأما حديث النسخ خاصة ففيه وجوه من الخلل يوجب سقوطه عن الحجية.
اولها: مخالفته لظاهر الكتاب على ما تقدم بيانه.
ثانيها: اشتماله على جواز تكليف مالا يطاق وهو مما لا يرتاب العقل في بطلانه.
ولا سيما منه تعالى، ولا ينفع في ذلك النسخ كما لا يخفى، بل ربما زاد إشكالا على إشكال فإن ظاهر قوله في الرواية: فلما اقترئها القوم " الخ " ان النسخ انما وقع قبل العمل وهو محذور.
ثالثها: أنك ستقف في الكلام على الآيتين التاليتين: ان قوله: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لا يصلح لان يكون ناسخا لشئ، وإنما يدل على أن كل نفس انما يستقبلها ما كسبته سواء شق ذلك عليها أو سهل، فلو حمل عليها ما لا تطيقه، أو حمل عليها إصر كما حمل على الذين من قبلنا فإنما هو أمر كسبته النفس بسوء اختيارها فلا تلومن الا نفسها، فالجملة أعني قوله: لا يكلف الله نفسا الا وسعها، كالمعترضة لدفع الدخل.
رابعها: انه سيجئ أيضا: ان وجه الكلام في الآيتين ليس إلى أمر الخطورات النفسانية أصلا، ومواجهة الناسخ للمنسوخ مما لابد منه في باب النسخ.
بل قوله تعالى: آمن الرسول إلى آخر الآيتين مسوق لبيان غرض غير الغرض الذي سيق لبيانه قوله تعالى: لله ما في السماوات وما في الأرض إلى آخر الآية على ما سيأتي إنشاء الله.
* * * آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير - 285. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت