وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين - 286. (بيان) الكلام في الآيتين كالفذلكة يحصل بها إجمال ما اشتملت عليه السورة من التفاصيل المبينة لغرضها، وقد مر في ما مر أن غرض السورة بيان ان من حق عبادة الله تعالى:
أن يؤمن بجميع ما أنزل على عباده بلسان رسله من غير تفرقة بين رسله، وهذا هو الذي تشتمل عليه الآية الأولى من قوله، آمن الرسول إلى قوله: من رسله، وفي السورة قصص تقص ما أنعم الله به على بني إسرائيل من أنواع نعمه من الكتاب والنبوة والملك وغيرها وما قابلوه من العصيان والتمرد ونقض المواثق والكفر، وهذا هو الذي يشير إليه وإلى الالتجاء بالله في التجنب عند ذيل الآية الأولى وتمام الآية الثانية، فالآيتين يرد آخر الكلام في السورة إلى أوله وختمه إلى بدئه.
ومن هنا يظهر خصوصية مقام البيان في هاتين الآيتين، توضيحه: أن الله سبحانه افتتح هذه السورة بالوصف الذي يجب ان يتصف به أهل التقوى، أعني ما يجب على العبد من إيفاء حق الربوبية، فذكر ان المتقين من عباده يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وينفقون من رزق الله ويؤمنون بما أنزل الله على رسوله وعلى الرسل من قبله ويوقنون بالآخرة، فلا جرم أنعم الله عليهم بهداية القرآن، وبين بالمقابلة حال الكفار والمنافقين.
ثم فصل القول في أمر أهل الكتاب وخاصة اليهود وذكر أنه من عليهم بلطائف الهداية، وأكرمهم بأنواع النعم، وعظائم الحباء، فلم يقابلوه الا بالعتو وعصيان الامر وكفر النعمة، والرد على الله وعلى رسله، ومعاداة ملائكته، والتفريق بين رسل الله وكتبه. فقابلهم الله بحمل الاصر الشاق من الاحكام عليهم كقتلهم أنفسهم وتحميلهم ما لا طاقة لهم به كالمسخ ونزول الصاعقة والرجز من السماء عليهم.
ثم عاد في خاتمة البيان إلى وصف حال الرسول ومن تبعه من المؤمنين فذكر أنهم على خلاف أهل الكتاب ما قابلوا ربهم فيما أنعم عليهم بالهداية والارشاد الا بأنعم القبول والسمع والطاعة، مؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله، غير مفرقين بين أحد