والشرائط لم يكن هو هو، فهو في ايجاده يتوقف على تحقق جميعها، والمتوقف هو الفعل دون الفاعل فافهم ذلك.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، تفريع على قوله: وإذا سألت فاسأل الله، من قبيل تعقيب المعلول بالعلة فهو بيان علة قوله: وإذا سألت وسببه، والمعنى أن الحوادث مكتوبة مقدرة من عند الله تعالى لا تأثير لسبب من الأسباب فيها حقيقة، فلا تسأل غيره تعالى ولا تستعن بغيره تعالى، وأما هو تعالى:
فسلطانه دائم وملكه ثابت ومشيته نافذة وكل يوم هو في شأن، ولذلك عقب الجملة بقوله: ولو أن الخلق كلهم جهدوا الخ.
ومن أخبار الدعاء ما ورد عنهم مستفيضا: ان الدعاء من القدر.
أقول: وفيه جواب ما استشكله اليهود وغيرهم على الدعاء: ان الحاجة المدعو لها اما ان تكون مقضية مقدرة أولا، وهي على الأول واجبة وعلى الثاني ممتنعة، وعلى أي حال لا معني لتأثير الدعاء، والجواب: أن فرض تقدير وجود الشئ لا يوجب استغنائه عن أسباب وجوده، والدعاء من أسباب وجود الشئ فمع الدعاء يتحقق سبب من أسباب الوجود فيتحقق المسبب عن سببه، وهذا هو المراد بقولهم:
ان الدعاء من القدر، وفي هذا المعنى روايات اخر.
ففي البحار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يرد القضاء الا الدعاء.
وعن الصادق عليه السلام: الدعاء يرد القضاء بعد ما أبرم ابراما.
وعن أبي الحسن موسى عليه السلام: عليكم بالدعاء فإن الدعاء والطلب إلى الله عز وجل يرد البلاء، وقد قدر وقضى فلم يبق الا امضائه فإذا دعي الله وسئل صرف البلاء صرفا.
وعن الصادق عليه السلام ان الدعاء يرد القضاء المبرم وقد أبرم ابراما - فأكثر من الدعاء فإنه مفتاح كل رحمة ونجاح كل حاجة ولا ينال ما عند الله الا بالدعاء فإنه ليس من باب يكثر قرعه الا أوشك أن يفتح لصاحبه.
أقول: وفيها إشارة إلى الاصرار وهو من محققات الدعاء، فان كثرة الاتيان