واسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شئ عليما " النساء - 32، يريد أن الأعمال التي يهديها كل من الفريقين إلى المجتمع هي الملاك لما اختص به من الفضل، وان من هذا الفضل ما تعين لحوقه بالبعض دون البعض كفضل الرجل على المرأة في سهم الإرث، وفضل المرأة على الرجل في وضع النفقة عنها، فلا ينبغي أن يتمناه متمن، ومنه ما لم يتعين إلا بعمل العامل كائنا من كان كفضل الايمان والعلم والعقل والتقوى وسائر الفضائل التي يستحسنها الدين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واسئلوا الله من فضله، والدليل على هذا الذي ذكرنا قوله تعالى بعده: الرجال قوامون، على ما سيجئ بيانه.
واما الاحكام المشتركة والمختصة: فهي تشارك الرجل في جميع الأحكام العبادية والحقوق الاجتماعية فلها أن تستقل فيما يستقل به الرجل من غير فرق في إرث ولا كسب ولا معاملة ولا تعليم وتعلم ولا اقتناء حق ولا دفاع عن حق وغير ذلك إلا في موارد يقتضى طباعها ذلك.
وعمدة هذه المورد: أنها لا تتولى الحكومة والقضاء، ولا تتولى القتال بمعنى المقارعة لا مطلق الحضور والإعانة على الامر كمداواة الجرحى مثلا، ولها نصف سهم الرجل في الإرث، وعليها: الحجاب وستر مواضع الزينة، وعليها: أن تطيع زوجها فيما يرجع إلى التمتع منها، وتدورك ما فاتها بأن نفقتها في الحياة على الرجل: الأب أو الزوج، وان عليه ان يحمي عنها منتهى ما يستطيعه، وأن لها حق تربية الولد وحضانته.
وقد سهل الله لها أنها محمية النفس والعرض حتى عن سوء الذكر، وان العبادة موضوعة عنها أيام عادتها ونفاسها، وأنها لازمة الارفاق في جميع الأحوال.
والمتحصل من جميع ذلك: انها لا يجب عليها في جانب العلم إلا العلم بأصول المعارف والعلم بالفروع الدينية (أحكام العبادات والقوانين الجارية في الاجتماع)، واما في جانب العمل فأحكام الدين وطاعة الزوج فيما يتمتع به منها، وأما تنظيم الحياة - الفردية بعمل أو كسب بحرفة أو صناعة وكذا الورود فيما يقوم به نظام البيت وكذا - المداخلة في ما يصلح المجتمع العام كتعلم العلوم واتخاذ الصناعات والحرف المفيدة - للعامة والنافعة في الاجتماعات مع حفظ الحدود الموضوعة فيها فلا يجب عليها شئ من