وقد ذم الله سبحانه الاستهانة بأمر البنات بمثل قوله وهو من أبلغ الذم: " وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون " النحل - 59، ولم يكن تواريهم إلا لعدهم ولادتها عارا على المولود له، وعمدة ذلك انهم كانوا يتصورون أنها ستكبر فتصير لعبة لغيرها يتمتع بها، وذلك نوع غلبة من الزوج عليها في أمر مستهجن، فيعود عاره إلى بيتها وأبيها، ولذلك كانوا يئدون البنات وقد سمعت السبب الأول فيه فيما مر، وقد بالغ الله سبحانه في التشديد عليه حيث قال: " وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت " التكوير - 9.
وقد بقي من هذه الخرافات بقايا عند المسلمين ورثوها من أسلافهم، ولم يغسل رينها من قلوبهم المربون، فتراهم يعدون الزنا عارا لازما على المرأة وبيتها وإن تابت دون الزاني وإن أصر، مع أن الاسلام قد جمع العار والقبح كله في المعصية، والزاني والزانية سواء فيها.
واما وزنها الاجتماعي: فإن الاسلام ساوى بينها وبين الرجل من حيث تدبير شؤون الحياة بالإرادة والعمل فإنهما متساويان من حيث تعلق الإرادة بما تحتاج إليه البنية الانسانية في الأكل والشرب وغيرهما من لوازم البقاء، وقد قال تعالى: " بعضكم من بعض " آل عمران - 195، فلها ان تستقل بالإرادة ولها أن تستقل بالعمل وتمتلك نتاجهما كما للرجل ذلك من غير فرق، " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ".
فهما سواء فيما يراه الاسلام ويحقه القرآن والله يحق الحق بكلماته غير أنه قرر فيها خصلتين ميزها بهما الصنع الإلهي: إحديهما: أنها بمنزلة الحرث في تكون النوع ونمائه فعليها يعتمد النوع في بقائه فتختص من الاحكام بمثل ما يختص به الحرث، وتمتاز بذلك من الرجل. والثانية أن وجودها مبني على لطافة البنية ورقة الشعور، ولذلك أيضا تأثير في أحوالها والوظائف الاجتماعية المحولة إليها.
فهذا وزنها الاجتماعي، وبذلك يظهر وزن الرجل في المجتمع، واليه تنحل جميع الأحكام المشتركة بينهما وما يختص به أحدهما في الاسلام، قال تعالى: " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن