إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين - 248. فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين - 249. ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين - 250. فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين - 251. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين - 252. (بيان) الاتصال البين بين الآيات أعني الارتباط الظاهر بين فرض القتال، والترغيب في القرض الحسن، والمعنى المحصل من قصة طالوت وداود وجالوت يعطي ان هذه الآيات نزلت دفعة واحدة، والمراد بيان ما للقتال من شؤون الحياة، والروح الذي به تقدم الأمة في حياتهم الدينية، والدنيوية، وسعادتهم الحقيقية، يبين سبحانه فيها فرض الجهاد، ويدعو إلى الانفاق والبذل في تجهيز المؤمنين وتهيئة العدة والقوة، وسماه إقراضا لله لكونه في سبيله، مع ما فيه من كمال الاسترسال والايذان بالقرب، ثم يقص قصة طالوت وجالوت وداود ليعتبر بها هؤلاء المؤمنون المأمورون بالقتال مع أعداء الدين ويعلموا ان الحكومة والغلبة للايمان والتقوى وإن قل حاملوهما، والخزي والفناء للنفاق والفسق وإن كثر جمعهما، فإن بني إسرائيل، وهم أصحاب القصة، كانوا
(٢٨٣)