صنما من الحيس فعبدوه دهرا طويلا ثم أصابتهم مجاعة فأكلوه فقيل فيهم:
أكلت حنيفة ربها * زمن التقحم والمجاعة لم يحذروا من ربهم * سوء العواقب والتباعة وربما عبدوا حجرا حتى إذا وجدوا حجرا أحسن منه طرحوا الأول وأخذوا بالثاني وإذا لم يجدوا شيئا جمعوا حفنة من تراب ثم جاؤوا بغنم فحلبوه عليها ثم طافوا بها يعبدونها.
وقد أودعت هذا الحرمان والشقاء في نفوس النساء ضعفا في الفكرة يصور لها أوهاما وخرافات عجيبة في الحوادث والوقائع المختلفة ضبطتها كتب السير والتاريخ.
فهذه جمل من أحوال المرأة في المجتمع الانساني من أدواره المختلفة قبل الاسلام وزمن ظهوره، آثرنا فيها الاختصار التام، ويستنتج من جميع ذلك: أولا: انهم كانوا يرونها إنسانا في أفق الحيوان العجم، أو إنسانا ضعيف الانسانية منحطا لا يؤمن شره وفساده لو أطلق من قيد التبعية واكتسب الحرية في حياته، والنظر الأول أنسب لسيرة الأمم الوحشية والثاني لغيرهم، وثانيا: انهم كانوا يرون في وزنها الاجتماعي انها خارجة من هيكل المجتمع المركب غير داخلة فيه، وإنما هي من شرائطه التي لا غناء عنها كالمسكن لا غناء عن الالتجاء إليه، أو انها كالأسير المسترق الذي هي من توابع المجتمع الغالب، ينتفع من عمله ولا يؤمن كيده على اختلاف المسلكين، وثالثا:
انهم كانوا يرون حرمانها في عامة الحقوق التي أمكن انتفاعها منها إلا بمقدار يرجع انتفاعها إلى انتفاع الرجال القيمين بأمرها، ورابعا: ان أساس معاملتهم معها فيما عاملوا هو غلبة القوي على الضعيف وبعبارة أخرى قريحة الاستخدام، هذا في الأمم غير المتمدنة، واما الأمم المتمدنة فيضاف عندهم إلى ذلك ما كانوا يعتقدونه في أمرها:
انها انسان ضعيف الخلقة لا تقدر على الاستقلال بأمرها، ولا يؤمن شرها، وربما اختلط الامر اختلاطا باختلاف الأمم والأجيال.
(ماذا أبدعه الاسلام في أمرها) لا زالت بأجمعها ترى في أمر المرأة ما قصصناه عليك، وتحبسها في سجن الذلة