يريده ويأمر به على أهل البيت من زوجة وأولاد حتى القتل لو رأى أن الصلاح فيه، ولا يعارضه في ذلك معارض، وكانت النساء نساء البيت كالزوجة والبنت والأخت أردء حالا من الرجال حتى الأبناء التابعين محضا لرب البيت، فإنهن لم يكن أجزاء للاجتماع المدني فلا تسمع لهن شكاية، ولا ينفذ منهن معاملة، ولا تصح منهن في الأمور الاجتماعية مداخلة لكن الرجال أعني الاخوة والذكور من الأولاد حتى الأدعياء (فإن التبني والحاق الولد بغير أبيه كان معمولا شائعا عندهم وكذا في يونان وإيران والعرب) كان من الجائز أن يأذن لهم رب البيت في الاستقلال بأمور الحياة مطلقا لأنفسهم.
ولم يكن اجزاء أصيلة في البيت بل كان أهل البيت هم الرجال، واما النساء فتبع، فكانت القرابة الاجتماعية الرسمية المؤثرة في التوارث ونحوها مختصه بما بين الرجال، واما النساء فلا قرابة بينهن أنفسهن كالأم مع البنت أو الأخت مع الأخت، ولا بينهن وبين الرجال كالزوجين أو الام مع الابن أو الأخت مع الأخ أو البنت مع الأب ولا توارث فيما لا قرابة رسمية، نعم القرابة الطبيعية (وهي التي يوجبها الاتصال في الولادة) كانت موجودة بينهم، وربما يظهر أثرها في نحو الازدواج بالمحارم، وولاية رئيس البيت وربه لها.
وبالجملة كانت المرأة عندهم طفيلية الوجود تابعة الحياة في المجتمع (المجتمع المدني والبيتي) زمام حياتها وإرادتها بيد رب البيت من أبيها إن كانت في بيت الأب أو زوجها إن كانت في بيت الزوج أو غيرهما، يفعل بها ربها ما يشاء ويحكم فيها ما يريد، فربما باعها، وربما وهبها، وربما أقرضها للتمتع، وربما أعطاها في حق يراد استيفائه منه كدين وخراج ونحوهما، وربما ساسها بقتل أو ضرب أو غيرهما، وبيده تدبير مالها إن ملكت شيئا بالازدواج أو الكسب مع إذن وليها لا بالإرث لأنها كانت محرومة منه، وبيد أبيها أو واحد من سراة قومها تزويجها، وبيد زوجها تطليقها.
واما اليونان فالامر عندهم في تكون البيوت وربوبية أربابها فيها كان قريب الوضع من وضع الروم.
فقد كان الاجتماع المدني وكذا الاجتماع البيتي عندهم متقوما بالرجال، والنساء تبع لهم، ولذا لم يكن لها استقلال في إرادة ولا فعل إلا تحت ولاية الرجال، لكنهم