فالتنكير في قوله تعالى: إصلاح لإفادة التنويع فالمراد به الاصلاح بحسب الحقيقة لا بحسب الصورة، ويشعر به قوله تعالى - ذيلا -: والله يعلم المفسد من المصلح.
قوله تعالى: وإن تخالطوهم فإخوانكم، إشارة إلى المساواة المجعولة بين المؤمنين جميعا بإلغاء جميع الصفات المميزة التي هي المصادر لبروز أنواع الفساد بين الناس في اجتماعهم من الاستعباد والاستضعاف والاستذلال والاستكبار وأنواع البغي والظلم، وبذلك يحصل التوازن بين اثقال الاجتماع، والمعادلة بين اليتيم الضعيف والولي القوي، وبين الغني المثرى والفقير المعدم، وكذا كل ناقص وتام، وقد قال تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " الحجرات - 10.
فالذي تجوزه الآية في مخالطة الولي لليتيم ان يكون كالمخالطة بين الأخوين المتساويين في الحقوق الاجتماعية بين الناس، يكون المأخوذ من ماله كالمعطى له، فالآية تحاذي قوله تعالى: " وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا " النساء - 2، وهذه المحاذاة من الشواهد على أن في الآية نوعا من التخفيف والتسهيل كما يدل عليه أيضا ذيلها، وكما يدل عليه أيضا بعض الدلالة قوله تعالى: والله يعلم المفسد من المصلح، فالمعنى: ان المخالطة ان كانت (وهذا هو التخفيف) فلتكن كمخالطة الأخوين، على التساوي في الحقوق، ولا ينبغي عند ذلك الخوف والخشية فإن ذلك لو كان بغرض الاصلاح حقيقة لا صورة كان من الخير، ولا يخفى حقيقة الامر على الله سبحانه حتى يؤاخذكم بمجرد المخالطة فإن الله سبحانه يميز المفسد من المصلح.
قوله تعالى: والله يعلم المفسد من المصلح إلى آخر الآية، تعدية يعلم بمن كأنها لمكان تضمينه معنى يميز، والعنت هو الكلفة والمشقة.
(بحث روائي) في الكافي عن علي بن يقطين قال سأل المهدى أبا الحسن عليه السلام عن الخمر: هل هي محرمة في كتاب الله عز وجل؟ فإن الناس إنما يعرفون النهى عنها ولا يعرفون تحريمها فقال له أبو الحسن عليه السلام: بل هي محرمة فقال: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله عز وجل يا أبا الحسن؟ فقال: قول الله تعالى: إنما حرم ربي الفواحش ما