لهم كالكفار والمنافقين كقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما انزل الله فاحبط أعمالهم " محمد - 9، وقوله تعالى: " ان الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب اليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين " آل عمران - 22، إلى غير ذلك من الآيات.
فمحصل الآية كسائر آيات الحبط هو ان الكفر والارتداد يوجب بطلان العمل عن أن يؤثر في سعادة الحياة، كما أن الايمان يوجب حياة في الأعمال تؤثر بها اثرها في السعادة، فإن آمن الانسان بعد الكفر حييت أعماله في تأثير السعادة بعد كونها محبطة باطلة، وإن ارتد بعد الايمان ماتت أعماله جميعا وحبطت، فلا تأثير لها في سعادة دنيوية ولا أخروية، لكن يرجى له ذلك إن هو لم يمت على الردة وان مات على الردة حتم له الحبط وكتب عليه الشقاء.
ومن هنا يظهر بطلان النزاع في بقاء اعمال المرتد إلى حين الموت والحبط عنده أو عدمه. توضيح ذلك: انه ذهب بعضهم إلى أن أعمال المرتد السابقة على ردته باقية إلى حين الموت، فإن لم يرجع إلى الايمان بطلت بالحبط عند ذلك، واستدل عليه بقوله تعالى " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة الآية " وربما أيده قوله تعالى: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا " الفرقان - 23، فإن الآية تبين حال الكفار عند الموت، ويتفرع عليه انه لو رجع إلى الايمان تملك أعماله الصالحة السابقة على الارتداد.
وذهب آخرون إلى أن الردة تحبط الأعمال من أصلها فلا تعود إليه وان آمن من بعد الارتداد، نعم له ما عمله من الأعمال بعد الايمان ثانيا إلى حين الموت، واما الآية فإنما اخذت قيد الموت لكونها في مقام بيان جميع أعماله وافعاله التي عملها في الدنيا!
وأنت بالتدبر فيما ذكرناه تعرف، ان لا وجه لهذا النزاع أصلا، وان الآية بصدد بيان بطلان جميع أعماله وافعاله من حيث التأثير في سعادته!