نورا تمشون به ويغفر لكم " الحديد - 28، على أن الحسنة مضاعفة عند الله مطلقا، قال تعالى: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " الانعام - 160.
وأيضا: من الحسنات ما يبدل السيئات إلى الحسنات، قال تعالى: " إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " الفرقان - 70.
وأيضا: من الحسنات ما يوجب لحوق مثلها بالغير، قال تعالى: " الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرء بما كسب رهين " الطور - 21، ويمكن الحصول على مثلها في السيئات كظلم أيتام الناس حيث يوجب نزول مثله على الأيتام من نسل الظالم، قال تعالى: " وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم " النساء - 9.
وأيضا: من الحسنات ما يدفع سيئات صاحبها إلى غيره، ويجذب حسنات الغير إليه، كما أن من السيئات ما يدفع حسنات صاحبها إلى الغير، ويجذب سيئاته إليه، وهذا من عجيب الامر في باب الجزاء والاستحقاق، سيجئ البحث عنه في قوله تعالى: " ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم " الأنفال - 37.
وفي موارد هذه الآيات روايات كثيرة متنوعة سنورد كلا منها عند الكلام فيما يناسبه من الآيات إنشاء الله العزيز.
وبالتأمل في الآيات السابقة والتدبر فيها يظهر: أن في الأعمال من حيث المجازاة أي من حيث تأثيرها في السعادة والشقاوة نظاما يخالف النظام الموجود بينها من حيث طبعها في هذا العالم، وذلك أن فعل الاكل مثلا من حيث إنه مجموع حركات جسمانية فعلية وانفعالية، إنما يقوم بفاعله نحو قيام يعطيه الشبع مثلا ولا يتخطاه إلى غيره، ولا ينتقل عنه إلى شخص آخر دونه، وكذا يقوم نحو قيام بالغذاء المأكول يستتبع تبدله من صورة إلى صورة أخرى مثلا، ولا يتعداه إلى غيره، ولا يتبدل بغيره، ولا ينقلب عن هويته وذاته، وكذا إذا ضرب زيد عمرا كانت الحركة الخاصة ضربا لاغير وكان زيد ضاربا لاغير، وكان عمرو مضروبا لاغير إلى غير ذلك من الأمثلة، لكن هذه الأفعال بحسب نشأة السعادة والشقاوة على غير هذه الأحكام كما قال تعالى: