تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٧١
في مدح النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الوفادة عليه: فآليت الخ، فصده قريش عن ذلك، فخرج من فوره وأتى اليمامة ومات، والبيت من القصيدة التي تقدم غالب أبياتها في سورة البقرة، وهى طويلة بديعة.
(كقنطرة الرومي أقسم ربها * لتكتنفن حتى تشاد بقرمد) في سورة النساء عند قوله تعالى (وآتيتم إحداهن قنطارا) القنطار: المال العظيم من قنطرت الشئ إذا رفعته، ومنه القنطرة لأنها بناء مشيد. شبه ناقته بقنطرة الرجل الرومي أو النهر الرومي في نهر دجلة والفرات. ربها:
أي صاحبها لتحاط بالطلاء إلى أن ترفع بالآجر، وقيل الرومي نهر دجلة والفرات لأنهما يأتيان من الروم كما قيل:
(وذا النصب المنصوب لا تعبدنه * ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا) هو للأعشى من قصيدته المشهورة المقدم ذكرها في سورة المائدة عند قوله تعالى (وما ذبح على النصب) كانت لهم حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويشرحون اللحم عليها يعظمونها بذلك ويتقربون به إليها تسمى الأنصاب، والنصب واحد دل على إفراده بذكر اسم الإشارة.
(أبنى لبيني إن أمكمو * أمة وإن أباكمو عبد) في سورة المائدة عند قوله تعالى (وعبد الطاغوت) على قراءة، ومعناه: الغلو في العبودية كقولهم رجل حذر وفطن للبليغ في الحذر والفطنة، قال في الصحاح في مادة عبد: وحكى الأخفش عبد مثل سقف وسقف وأنشد:
أنسب العبد إلى آبائه * أسود الجلدة من قوم عبد ومنه قراءة بعضهم وعبد الطاغوت وأضافه، وبعضهم قرأ وعبد الطاغوت وأضافه، والمعنى فيما يقال خدم الطاغوت، قال: وليس هذا بجمع لأن فعلا لا يجمع على فعل وإنما هو اسم بنى على فعل كحذر وندس، فيكون المعنى، وخادم الطاغوت، وأما قول الشاعر: أبنى لبيني الخ، فإن الفراء يقول إنما ضم الباء ضرورة.
(جاد الحمى بسط اليدين بوابل * شكرت نداه تلاعه ووهاده) في سورة المائدة عند قوله تعالى (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) وفى الكشاف. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هي أشد آية في القرآن، وعن الضحاك: ما في القرآن آية أخوف عندي منها. وغل اليد: ربطها مجاز عن البخل وبسطها مجاز عن الجود ومنه قوله تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) وبسط اليد وقبضها عبارتان وقعتا متعاقبتين للبخل والجود، وقد استعملوهما حيث لا تصح اليد كما في البيت، ولله در من استعملها مضمومة مكسورة وأبرزها على هذه الصورة حيث قال:
لنا خليل له خلال * تعرب عن أصله الأخس أضحت له مثل حيث كف * وددت لو أنها كأمس (وكتيبة لبستها بكتيبة * حتى إذا التبست نفضت لها يدي) في سورة الأنعام عند قوله تعالى (أو يلبسكم شيعا) أي يخلطكم فرقا مختلفين. يقول: رب كتيبة خلطتها بكتيبة حتى إذا اختلطت نفضت يدي منهم وخليتهم وشأنهم كقوله تعالى (فلما كفر قال إني برئ منك) يظهر أنه مهياج للشر يعرف مداخله ومخارجه، وفيه إثبات طرف من اللؤم ولهذا عيب عليه هذا القول:
(فزججتها بمزجة * زج القلوص أبى مزاده)
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست