في سورة الأنعام عند قوله تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم) فإنه قرئ زين على النباء للفاعل الذي هو الشركاء وزين على البناء للمفعول الذي هو القتل ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين، وأما قراءة قتل أولادهم شركائهم برفع القتل ونصب الأولاد وجر الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء والفصل بغير الظرف فشئ لو كان في مكان الضرورة هو الشعر لكان سمجا مردودا كما سمج ورود:
* زج القلوص أبى مزاده، فكيف به في الكلام المنثور؟ فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته؟
فإن إضافة زج إلى أبى مزادة إضافة المصدر إلى فاعله والفصل بالمفعول: أعنى القلوص مردود، إذ لا ضرورة فيه لاستقامة الوزن والقافية بالإضافة إلى القلوص ورفع أبى مزادة والضمير في زججتها للكتيبة. والزج: الطعن، والمزجة: رمح قصير. والقلوص: الشابة من النوق.
(حرام على عيني أن تطعما الكرى * وأن ترقآ حتى ألاقيك يا هند) في سورة الأعراف عند قوله تعالى (حرمهما على الكافرين) أي ومنعهم شراب الجنة كما يمنع المكلف ما يحرم عليه ويحظر كقوله: حرام الخ. والطعم بمعنى الذوق، كما يقال: ما ذقت غماضا، ورقأ الدم والدمع إذا سكن.
(بمستأسد القريان عاف نباته * تساقطني والرحل من صوت هدهد) البيت للحطيئة، في سورة الأعراف عند قوله تعالى (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا) أي كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم، من قولهم عفا النبات وعفا الشحم والوبر إذا كثر كما قال:
ولكنا نعض السيف منها * بأسؤق عافيات الشحم كوم وسيأتى، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " وأعفوا اللحى " وعليه بيت الحطيئة بمستأسد الخ. وقبل البيت:
فإن نظرت يوما بمؤخر عينها * إلى علم في الغور قالت له أبعد بأرض ترى فرخ الحبارى كأنها * بها ركب موف على ظهر قردد - بمستأسد البيت.
والمستأسد: النبات الطويل الغليظ، يقال استأسد الزرع إذا قوى، وسيأتى في سورة المعارج قوله:
مستأسد أذنابه في غيطل * يقلن للرائد أعشبت انزل كأنه أخذ من الأسد والقريان بضم القاف جمع القرى بوزن فعيل ويجمع على أقرية وقريان، وهو مجرى الماء إلى الروض، من صوت هدهد 7 من غاية السرعة والخوف في أرض من شأنها ذا وذا. وقوله بمستأسد القريان بدل من قوله بأرض بتكرير العامل. وصف الأرض أولا بأنها لم تسلك، ولهذا كان فرخ الحبارى بها كالراكب المشرف، وبين أنها حزن ثم أكد ذلك بالإبدال المذكور، وبين أن الحزن والسهل سواء في الخلاء عن الأنيس وضمير نظرت للناقة وفى الغور حال منه. والموفى: المشرف. والقردد: المكان الغليظ المرتفع، وجزاء الشرط تساقطني، وقالت: صفة علم. يصف الناقة بالسرعة والنشاط، والمكان بالبعد من الأنيس بحيث تتردى فيه الناقة برحلها وراكبها من صوت هدهد خوفا وسرعة. وقيل جزاء الشرط قالت، وتساقطني حال من ضمير نظرت أو قالت.
(يا راكب الذنب هدهد * واسجد كأنك هدهد) في سورة الأعراف عند قوله تعالى (إنا هدنا إليك) أي تبنا إليك، وهاد يهود إذا رجع وتاب، والهود جمع