تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٨٢
وعن ابن مسعود نخلفه بالنون: أي لن يخلفه الله، كأنه حكى قوله عز وجل كما مر في (لأهب لك) والبيت للأعشى، وبعده:
ومضى لحاجته وأصبح حبله * خلقا وكان بحالة لن ينكدا أقصر ليله: أي وجده قصيرا. وأخلف موعدا من أخلفت الموعد: إذا وجدته خلفا. وقتيلة: اسم معشوقته يقول صار العاشق ضيفا في الحي ليزود من معشوقته، فقضى ليله رجاء الوصل، فمضى الليل ووجد الموعد خلفا ولم يتمتع بوصالها. وليله في ديوان الأعشى بالتاء بخلاف نسخ الكشاف.
(حتى إذا أسلكوهم في قتائدة * شلا كما تطرد الجمالة الشردا) في سورة المؤمنين عند قوله تعالى (فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك) فاسلك فيها فأدخل فيها، يقال سلك فيه دخله وسلك غيره وأسلكه، قال تعالى (ما سلككم في سقر) وقتائدة:
ثنية معروفة، وقيل هي عقبة. والشل: الطرد. والجمال: صاحب الجمل والجمالة جمعه مثل حمار وحمارة.
وقافية شرود: سائرة في البلاد. يصف جيشا أنكروا وهزموا. والشعر لعبد مناف الهذلي، وهذا آخر القصيدة ولا جواب لقوله: حتى إذا أسلكوهم. وقال بعضهم شلا جواب إذا، والأصل شلوا به شلا فاكتفى بالمصدر عن الفعل، يقال سلكته وأسلكته: أدخلته. يصف قوما أغير عليهم فدفعوا الغارة عن أنفسهم وأدخلوا المغيرة في موضع يقال له قتائدة. يقول: هزموهم وطردوهم حتى أسلكوهم في هذه الثنية كما تطرد الجمالة النوق الشرد السائرة في البلاد، وقافية شرود: أي سائرة في البلاد. والتشريد: الطرد، ومنه (فشرد بهم من خلفهم) أي فرق وبدد جمعهم. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الجن عند قوله تعالى (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا) أي يدخله عذابا والأصل يسلكه في عذاب كقوله (ما سلككم في سقر) فعدى إلى مفعولين إما بحذف الجار وإيصال الفعل إليه كقوله (واختار موسى قومه) وإما بتضمينه معنى يدخله، يقال سلكه وأسلكه، قال: حتى إذا أسلكوهم البيت.
(قدني من نصر الخبيبين قذى * ليس الإمام بالشحيح الملحد) في سورة النور عند قوله تعالى (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات) قدني وقدى بمعنى حسبي في الصحاح الخبيبان عبد الله بن الزبير وابنه، فمن أنشد على التثنية أرادهما كما قالوا سنة العمرين، ومن روى على الجمع فإنه يريد عبد الله وشيعته، وعبد الله هو الذي ادعى الخلافة وكنيته المشهورة أبو بكر وكانوا إذا أرادوا ذمه كنوه بأبي خبيب كما قيل:
أرى الحاجات عند أبي خبيب * يلدن ولا أمية بالبلاد والملحد المحتكر، وقيل لأنه حارب في الحرم.
(فإن تمس مهجور الفناء فربما * أقام به بعد الوفود وفود) من مراثي الحماسة. في سورة النور عند قوله تعالى (قد يعلم ما أنتم عليه) حيث أدخل قد ليؤكد علمه بما هم عليه من المخالفة عن الدين والنفاق ومرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد، وذلك أن قد إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى ربما فوافقت ربما بما في خروجها إلى معنى التكثير في نحو قوله: فإن تمس الخ: أي إن مت وصرت مهجور الساحة مرفوض الخدمة فربما كان الوفود فيما مضى من حياتك تزدحم على بابك: يعنى إن هجر فناؤك
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست