تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٦٩
ولا تسخرن من بائس ذي ضرارة * ولا تحسبن المال للمرء مخلدا ولا تقربن من جارة إن سرها * عليك حرام فانكحن أو تأبدا (فإن شئت حرمت النساء سواكم * وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا) للعرجي، في سورة البقرة عند قوله تعالى (ومن لم يطعمه) أي ومن لم يذقه، ومنه طعم الشئ لمذاقه كما في البيت، ألا ترى كيف عطف عليه البرد وهو النوم ويقال ما ذقت غماضا. والنقاخ بالنون والقاف والخاء المعجمة: الماء العذب البارد، والبرد: النوم، ومنه قوله تعالى (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) وإنما قال سواكم بلفظ الجمع للتعظيم، ولم يقل سواكن لأن النساء منسوبات إلى غيرهن، تقول امرة تخلفت مع الذاهبين أو ذهبت مع الغابرين. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة هود عند قوله تعالى (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا) حيث جمع الخطاب بعد إفراده وهو قوله قل. والسر فيه أن معناه: فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كانوا يتحدونهم، وقد قال في موضع آخر (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم) ويجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله: فإن شئت الخ. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة المؤمنين عند قوله تعالى (رب ارجعون) بخطاب الجمع، وسواكم للتعظيم فإنه ربما خوطبت المرأة الواحدة بخطاب الجمع المذكر. يقول الرجل عن أهله فعلوا كذا مبالغة في سترها حتى لا ينطق بالضمير الموضوع لها، ومنه قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام (قال لأهله امكثوا) ولذلك كان الأكثرون على أن الضمير في قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن) للأزواج ليتحد فاعل الشرط مع فاعل الجزاء. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة النبأ عند قوله تعالى (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) على تفسير البرد بالنوم، وعن بعض العرب:
منع البرد البرد.
(إن العرانين تلقاها محسدة * ولن ترى للئام الناس حسادا) في سورة البقرة عند آخر آية الكرسي. قال في الكشاف: وبهذا يعلم أن أشرف العلوم وأعلاها مرتبة عند الله تعالى علم أهل العدل والتوحيد، ولا يغرنك كثرة أعدائه فإن العرانين تلقاها مسحدة: يعنى بذلك شيعة المعتزلة كما هو دأبه في نصرة مذهبهم والاعتزال عن أهل الحق ناحية. قال العلامة السكوني في التمييز: أما تسميتهم أنفسهم العدلية فباطل، لأنهم يعنون بتسميتهم أنفسهم عدلية كونهم على زعمهم يخلقون أفعالهم، قالوا ولو لم يكن الأمر كذلك لما كان تعذيبنا على ما ليس بخلق لنا عدلا بل جورا وهو أن لا نعذب على فعل غيرنا، وسموا أهل السنة مجبرة لاعتقادهم أن الله سبحانه لا شريك له في أفعاله ولا خالق لشئ من المخلوقات سواه. وأجاب أهل الحق عن ذلك بما هو مذكور في أواخر مقدمة التمييز فلينظر ثمة. وعرانين الناس: ساداتهم. يقول: إنما يحسد السادة الكبراء لعلو همتهم وشرفهم. ولا ترى أحدا يسحد لئيما خسيسا. قيل للمهلبية: ما أكثر حسادكم، فأنشدوا البيت:
(وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا) في سورة البقرة عند قوله تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) قرأ نافع بضم السين والباقون بفتحها وهو المشهور، وقرئ بضم السين وكسرها مضافين إلى ضمير ذي عسرة بحذف التاء عند الإضافة كقوله (إقام الصلاة) وقوله: وأخلفوك الخ، وأوله * إن الخليط أجدوا البين وانجردوا * الخليط اسم جمع بمعنى المخالط كالنديم
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست