وقوفا بها صحبي على مطيهم * يقولون لا تهلك أسى وتجلد ومنها: رأيت بين غبراء لا ينكرونني * ولا أهل هذاك الطراف الممدد ومنها البيت في سورة البقرة عند قوله تعالى (لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا) أي بأن يقدر وتحسنوا بالوالدين إحسانا، وقيل معناه: أن لا تعبدوا، فلما حذفت أن رفع الفعل، وقد استشهد بالبيت في سورة والصافات عند قوله تعالى (لا يسمعون إلى الملأ الأعلى) قال في الكشاف: إن قلت هل يصح قول من زعم أن أصله لئلا يسمعوا فحذفت اللام كما حذفت من قولك جئتك أن تكرمني فبقى أن لا يسمعوا فحذفت أن وأهدر عملها كما في قول القائل: ألا أيهذا الخ؟ قلت: كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده، وأما اجتماعهما فمنكر من المنكرات، على أن صون القرآن عن مثل هذا العتسف واجب انتهى. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الزمر عند قوله تعالى (أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون) والأصل أن أعبد فحذف أن ورفع الفعل كما في قوله: (أحضر الوغى، والدليل على صحة هذا الوجه قراءة من قرأ أعبد بالنصب، وقد استشهد بالبيت المذكور أيضا في سورة المدثر عند قوله تعالى (ولا تمنن تستكثر) وهو إما مرفوع منصوب المحل على الحال.
وقرأ الحسن تستكثر بالسكون، وفيه ثلاثة أوجه: الإبدال من تمنن كأنه قيل ولا تمنن لا تستكثر على أنه من المن وقرأ الأعمش بالنصب بإضمار أن كقوله: أحضر الوغى، ويؤيده قراءة ابن مسعود ولا تمنن أن تستكثر، ويجوز في الرفع أن تحذف أن ويبطل عملها كما روى أحضر الوغى بالرفع.
(قد أترك القرن مصفرا أنامله * كأن أثوابه مجت بفرصاد) في سورة البقرة عند قوله تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) دليل على مجئ قد للتكثير مع دخولها على المضارع، وقوله: مصفرا أنامله أي مقتولا كما قال لبيد:
وكل أناس سوف تدخل بينهم * دويهية تصفر منها الأنامل والفرصاد: ماء التوت، يريد أن الدم على ثيابه كماء التوت. قال الزمخشري في شرح أبيات كتاب سيبويه:
هو للهذلي، وقيل لعبيد بن الأبرص، وهو من قصيدة طويلة أولها:
طاف الخيال علينا ليلة الوادي * من آل أسماء لم يلمم بميعاد إني اهتديت كركب طال ليلهم * في سبسب بين دكداك واعقاد ومنها: فإن حييت فلا أحسبك في بلدي * وإن مرضت فلا تحسبك عوادي أذهب إليك فإني من بنى أسد * أهل القباب وأهل الجود والنادى لا أعرفنك بعد الموت تندبني وفى حياتي ما زودتني زادي قد أترك القرن مصفرا أنامله * كأن أثوابه مجت بفرصاد أوجرته ونواصي الخيل معلمة * سمراء عاملها من خلفها نادى (فإما تثقفوني فاقتلوني * فمن أثقف فليس إلى خلود) في سورة البقرة عند قوله تعالى (حيث ثقفتموهم) والثقف: وجود على وجه الأخذ والغلبة: والمعنى: إن