تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٤٤
في سورة المدثر عند قوله تعالى (ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر) قال في الكشاف: إن قلت:
ما معنى ثم الداخلة في تكرير الدعاء؟ قلت: الدلالة على أن الكرة الثانية أبلغ من الأولى كما قال: ألا يا اسلمى الخ.
فإن قلت: فما معنى المتوسطة بين الأفعال التي بعدها؟ قلت: الدلالة على أنه قد تأتى في التأمل وتمهل وكان بين الأفعال المتناسقة تراخ وتباعد. فإن قلت: فلم قيل فقل إن هذا بالفاء بعد عطف ما قبله بثم؟ قلت: لأن الكلمة لما خطرت بباله بعد التلطف لم يتمالك أن نطق بها من غير تلبث. فإن قلت: فلم لم يتوسط حرف العطف بين الجملتين؟ قلت: لأن الأخرى أجريت من الأولى مجرى التوكيد من المؤكد. قوله لا غرو: أي لا عجب، وخبر لا محذوف كأنه قال: لا غر وموجود أو حاصل، وإنما قال: بنى أستاهها لأنه يريد أنهم مخرءون لا مولودون يقول: لا عجب إلا ما يخبر به سالم بأن بنى أستاهها من الذين لا عقول لهم، قالوا لله علينا سفك دمه، ثم قال: هذا اعتقادهم وأقوالهم ولا جناية لي عليهم ولا ذنب متى أهتدي إليه فيهم سوى قولي يا سرحة أدام الله أيامك وسلامتك.
وكأنه جعل سرحة كناية عن امرأة فيهم، وتسمى المرأة بسرحة. وقوله نعم مكررا اسلمى اسلمى يغايظهم ويناكدهم بهذا المقال. وقوله ثلاث تحيات انتصب على المصدر من فعل دل عليه قوله اسلمى كأنه قال: أحيى ثلاث تحيات وإن لم يرجع الجواب إلى.
(وإذا نظرت إليك من ملك * والبحر دونك زدتني نعما) في سورة القيامة عند قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) أي لا تنظر إلى غيره، وهذا معنى تقديم المفعول. وقوله البحر دونك: أي أقل منك في الجود. والمعنى: إذا رجوت عطاءك وأنت من الملوك والحال أن البحر أقل جودا منك زدتني نعما، وهذا من قول الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي، يريد معنى التوقع والدعاء: (العاكفين على منيف جنابه * الفارجي باب الأمير المبهم) في سورة المرسلات عند قوله تعالى (وإذا السماء فرجت) الفارجي مثل قوله تعالى (والمقيمي الصلاة) ووقعت النون للإضافة. وفرجت: أي فتحت في قوله (وإذا السماء فرجت) ويقال باب مبهم: إذا أغلق فلا يهتدى لفتحه، يصف القوم بالحظ والجاه وأنهم إذا أتوا باب الأمير يفتح لهم.
(وساهرة يضحى السراب مجلا * لأقطارها قد جئتها متلثما) في سورة والنازعات عند قوله تعالى (فإذا هم بالساهرة) الساهرة: الأرض البيضاء المستوية، سميت بذلك لأن السراب يجرى بها. من قولهم عين ساهرة جارية الماء، وفى ضدها ناعسة. قال الأشعث بن قيس: وساهرة الخ. أو لأن ساهرها لا ينام خوف الهلكة مجللا: أي مغطيا، ومنه جل الدابة لأقطارها: أي جوانبها. يقول:
رب ساهرة قد جلل السراب جوانبها قد قطعتها متلثما من خوف هبوب السموم والحر القاتل.
(في صلب مثل العنان المؤدم) في سورة الطارق عند قوله تعالى (من بين الصلب والترائب) حيث قرئ الصلب بفتحتين والصلب بضمتين.
قال العجاج: في صلب الخ. وقبله * ريا العظام فخمة المخدم * يقال فلان مؤدم مبشر: أي جمع بين لين الأدمة وخشونة البشرة. والمخدم موضع الخدام: أي الخلخال من الساق يصف لين جلدها.
(مجدا تليدا بناه أوله * أدرك عادا وقبلها إرما)
(٥٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 ... » »»
الفهرست