فدع الوعيد فما وعيدك ضائري * أطنين أجنحة الذباب يضير (إن السفاهة طاها في خلائقكم * لا قدس الله أرواح الملاعين) عند قوله تعالى (طه) اعلم أن طاها في لغة عك في معنى يا رجل، ولعل عكا تصرفوا في يا هذا كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء فقالوا في ياطا، واختصروا هذا فاقتصروا على ها، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفى في البيت: أي إن السفاهة يا هذا أو يا رجل في خلائقكم لا طهر الله أرواحكم فإنكم ملاعين، فوضع الظاهر موضع المضمر. والسفه:
ضد الحلم، والخلق: السجية، يقال خالق المؤمن وخالق الفاجر، وفلان يتخلق غير خلقه: أي يتكلفه، قال:
يا أيها المتحلى غير سيمته * إن التخلق يأتي دونه الخلق (ومهمهين قذفين مرتين * ظهراهما مثل ظهور الترسين * جبتهما بالنعت لا بالنعتين) في سورة طه عند قوله تعالى (ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار) من حيث مجيئه بلفظ الجمع، وإنما هو طرفان كما قال (أقم الصلاة طرفي النهار) لأمن اللبس، وفى التثنية زيادة بيان، ونظير مجئ الأمرين في الآيتين مجيئهما في قوله ظهراهما مثل ظهور الترسين. والمهمه: المفازة البعيدة. ونية قذف: أي بعيدة تقاذف بمن يسلكها.
والمرت: مفازة لا نبت فيها ولا ماء. وقذفين ومرتين صفة مهمهين، والواو واو رب:
* ظهراهما مثل ظهور الترسين * يريد صلابتهما لأن ظهر الترس ناتئ. وجواب رب جبتهما، والمعنى: قطعتهما ولم ينعتا إلا مرة واحدة. يصف نفسه بالفطانة والخبرة بسلوك المفاوز، وإنما قال ظهور الترسين كراهة الجمع بين تثنيتين إحداهما في المضاف والأخرى في المضاف إليه، ومثله قوله تعالى (فقد صغت قلوبكما).
(فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا) هو لذي الأصبع العدواني، وقيل هو لفروة بن مسيك المرادي صحابي مخضرم. في سورة الأنبياء عند قوله تعالى (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) وقبل البيت:
إذا ما الدهر جر على أناس * كلاكله أناخ بآخرينا كذاك الدهر دولته سجال * تكر صروفه حينا فحينا فبيناه يسر به ويرضى * ولو مكثت غضارته سنينا إذا انقلبت به كرات دهر * فألقى بعد غبطته منونا ومن يغبط بريب الدهر يوما يجد ريب الزمان أحردونا فأفنى عترتي سروات قومي * كما أفنى القرون الأولينا فلو خلد الكرام إذن خلدنا * ولو بقى الكرام إذن بقينا فإن نهزم فهزامون قدما * وإن نهزم فغير مهزمينا وما إن طبنا جبن ولكن * منايانا ودولة آخرينا (قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا * تم القفول فقد جئنا خراسانا)