تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٤٨
أردت، فلما كان الغد لم يرتحل ابن سعدى من رحله إليه، فقيل له في ذلك؟ فأجاب بأني إن كنت المراد فسأطلب وإن كان غيري فأجمل الأحوال أن لا أكون حاضرا، فبعث إليه النعمان ائتنا آمنا مما تخاف وألبسه الحلل وأكرمه، فحسده سادات العرب من قومه وغيرهم وبعثوا إلى الحطيئة يضمنون له مائة بعير لو هجاه، فقال: كيف أهجو فتى شسع نعلي منه أو نحو من هذا، وأنشد البيت. جعل ظهر الغيب مركبا وأضاف إليه الظهر، وجعل الظهر مقمحا: أي ملتبسا بالغيب ثم أدخل الظهر كناية لهذه الغيبة لأن الغائب كأنه وراء الظهر.
(نواعم بين أبكار وعون) في سورة البقرة عند قوله تعالى (عوان بين ذلك) والبكر: الفتية. والعوان: النصف بفتحتين: أي كهلة ونساء أنصاف، وهو للطرماح، وقبله:
صغائن كنت أعهدهن قدما * وهن لدى الإقامة غير جون حصان مواضع النقب الأعالي * نواعم بين أبكار وعون قال في المصباح المنير: العوان: النصف من النساء والبهائم والجمع عون، والأصل بضم الواو ولكن سكن تخفيفا.
(إنا بنى نهشل لا ندعى لأب * عنه ولا هو بالأبناء يشربنا) في سورة آل عمران عند قوله تعالى (قائما بالقسط) على تقدير انتصابه على المدح، ومن حق المنتصب على المدح أن يكون معرفة كقوله: الحمد لله الحميد، و " إنا معاشر الأنبياء " وإنا بنى نهشل الخ. يقال ادعى فلان في بني هاشم: إذا انتسب إليهم، وادعى عنهم: إذا عدل بنسبه عنهم، كما يقال رغب فيه ورغب عنه. والمعنى:
إنا لا ننتسب إلى أب غير أبينا رغبة عنه، ولا هو يستبدل غيرنا رغبة عنا. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة مريم عند قوله تعالى (أن دعوا للرحمن ولدا) وهو من دعا بمعنى سمى المتعدى إلى مفعولين، ويجوز جر ثانيهما بالباء كما في قوله:
دعني أخاها أم عمرو ولم أكن * أخاها ولم أرضع لها بلبان دعتني أخاها بعد ما كان بيننا * من الفعل ما لا يفعل الأخوان وأولهما في الآية محذوف طالبا للعموم والإحاطة بكل ما يدعى له ولدا، ويجوز أن يكون من دعا بمعنى نسب الذي مطاوعه ما في قوله عليه الصلاة والسلام " من ادعى إلى غير مواليه " وقول الشاعر: إنا بنى نهشل الخ، والبيت لبشامة بن حزن النهشلي من أبيات أولها:
إنا محيوك يا سلمى فحيينا * وإن سقيت كرام الناس فاسقينا وإن دعوت إلى جلى ومكرمة * يوما سراة كرام الناس فادعينا إنا بنى نهشل لا ندعى لأب عنه ولا هو بالأبناء يشربنا يكفيه إن نحن متنا أن يسب بنا * وهو إذا ذكر الآباء يكفينا إن تبتدر غاية يوما لمكرمة * تلقى السوابق منا والمصلينا
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»
الفهرست