(ففرق بين بينهم زمان * تتابع فيه أعوام حسوم) في سورة الحاقة عند قوله تعالى (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) جمع حاسم كشهود وقعود، أو مصدرا كالشكور والكفور، فإن كان جمعا فمعنى قوله حسوما: نحسات حسمت كل خير واستأصلت كل بركة تمثيلا لتتاليها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء كرة بعد أخرى حتى ينحسم، وإن كان مصدرا فإما أن ينتصب بفعله مضمرا: أي تحسم حسوما بمعنى تستأصل استئصالا، أو يكون صفة كقولك ذات حسوم أو يكون مفعولا له: أي سخرها عليهم للاستئصال. وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي: ففرق بين بينهم الخ. وقيل هي أيام العجوز وهى آخر الشتاء.
(يرد علينا العير من دون إلفه * أو الثور كالدرى يتبعه الدم) في سورة الجن عند قوله تعالى (فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا) استشهد بهذا البيت على أن الرجم كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر في شعر الجاهلية. قال عوف بن الخرع: يرد علينا الخ. وقال بشر ابن أبي خازم:
والعير يرهقها الخبار وجحشها * ينقض خلفهما انقضاض الكوكب وقال أوس بن حجر:
وانقض كالدرى يتبعه * نقع يثور تخاله طنبا وقد تقدم شرح البتين في محلهما وأما عوف بن الخرع القائل: يرد علينا الخ. فإنه يصف شدة عدو فرس ويقول: يرد علينا العير وهو الحمار الوحشي من قرب إلفه وزوجه مع أنه إذا كان مع إلفه كان أشد نفارا وأجد عدوا، ويرد أيضا الثور الوحشي وهو ينقض في عدوه كالكوكب الدري الثاقب الذي يرجم ويتبعه ثقوب وحمرة كالدم، وكالدرى يجوز أن يكون صفة للفرس وأن يكون صفة للثور.
(والهم يخترم الجسيم نحافة * ويشيب ناصية الصبى ويهرم) في سورة المزمل عند قوله تعالى (يجعل الولدان شيبا) مثل في الشدة، يقال في اليوم الشديد: يوم يشيب نواصي الأطفال. والأصل فيه أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب. قال أبو الطيب:
والهم يخترم الجسيم الخ، وكما قيل:
وما إن شبت من كبر ولكن * لقيت من الحوادث ما أشابا وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الهم نصف الهرم " وحكى أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب فأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة، فقال: رأيت القيامة والجنة والنار في المنام، ورأيت الناس يقادون بسلاسل إلى النار فمن ذلك أصبحت كما ترون.
(ولا غرو إلا ما يخبر سالم * بأن بنى أستاهها نذروا دمى ومالي من ذنب إليهم علمته * سوى أنني قد قلت يا سرحة اسلمى نعم فاسلمي ثم اسلمى ثمت اسلمى * ثلاث تحيات وإن لم تكلمي)