تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥١٧
ابن حذيم. والنطاسي: الطبيب، وأراد ابن حذيم وهو من باب الحذف لا من الإلباس كما تقدم، وفى النسخ كما أعيا، والصواب ما نقله الميداني في مجمع الأمثال بما بالباء وحذيم بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفتح الياء.
(تمام الحج أن تقف المطايا * على خرقاء واضعة اللثام) في سورة البقرة عند قوله تعالى (وأتموا الحج والمعرة لله) والبيت لذي الرمة. والخرقاء: اسم محبوبته. ونقل عن بعض الصالحين أنه حج، فلما قضى نسكه قال لصاحب له: هل نتم حجنا؟ ألم تسمع قول ذي الرمة؟ وأنشد البيت، وحقيقة ما قال: هو أنه كما قطع البراري والقفار حتى وصل إلى بيته وحرمه فينبغي أن يقطع أهواء النفس ويخرق حجب القلب حتى يصل إلى مقام المشاهدة ويبصر آثار كرمه بعد الرجوع من حرمه.
(أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني) * ألم تيأسوا أنى ابن فارس زهدم في سورة البقرة عند قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) وهو قمار العرب بالأزلام واشتقاقه، من اليسر لأنه أخذ مال الرجل بيسر وسهولة، والبيت لسحيم بن وثيل الرياحي، كان وقع عليه الأسر فضربوا عليه بسهام. ييسرونني: يقطعونني، وزهدم: فرس سمى به لسرعته، وهو في الأصل فرخ البازي. وأنشده المصنف في سورة الرعد شاهدا على أن اليأس بمعنى العلم حيث قال (أفلم ييأس الذين آمنوا) والمعنى: قلت لهم بذلك الموضع حين يغلبونني بالميسر: ألم تعلموا أنى ابن فارس زهدم وأنه لا يغلب على أحد، وفى رواية: إذ يأسرونني: أي حين أرادوا أن يأخذوني بالأسر.
(دعوني أنح وجدا كنوح الحمائم * ولا تجعلوني عرضة للوائم) في سورة البقرة عند قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) العرضة هنا بمعنى المتعرض للأمر، قيل البيت لأبى تمام، وفى ديوان أبى تمام:
متى كان سمعي عرضة للوائم * وكيف صغت للعاذلين عزائمي (وسنان أقصده النعاس فرنقت * في عينه سنة وليس بنائم) لعدى بن الرقاع من قصيدة يمدح بها الوليد بن عبد الملك. في سورة البقرة عند قوله تعالى (لا تأخذه سنة ولا نوم) والسنة: ما يتقدم النوم من الفتور الذي يسمى النعاس، وقدم السنة على النوم، وقياس المبالغة عكسه لمراعاة ترتيب الوجود، وأيضا هو من باب التتميم فإنه لما انتفى السنة انتفى النوم بالأولى فجئ بقوله (ولا نوم) تأكيدا.
وأقصده النعاس من أقصدت الرجل: إذا طعنته فلم تخطئ مقاتله، ومنه قوله:
نظرت فأقصدت الفؤاد بسهمها * ثم انتثت عنه فكاد يهيم ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت * وقع السهام ونزعهن أليم (تتمة) النوم ريح يقوم في أغشية الدماغ، فإذا وصل إلى العين نامت، وإذا وصل إلى القلب نام وهو النوم.
(مولى الريح قرنيه وجبهته * كالحرقي (1) تنحى ينفخ الفحما)

(1) قوله (كالحرقي) هذا تصحيف، والذي في الكشاف وهو الصواب (كالهبرقي) بالهاء والباء الموحدة، ومثله في كتب اللغة فليعلم، كتبه مصححه.
(٥١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 ... » »»
الفهرست