تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٩٧
لدلالة الحال. قال الرمخشري: فإن قلت: كيف قال - اكتتبها فهي تملى عليه - وإنما يقال أمليت عليه فهو يكتبها؟
قلت: فيه وجهان: أحدهما أراد اكتتابها أو طلبه فهي تملى عليه، أو كتبت له وهو أمي فهي تملى عليه: أي تلقى عليه من كتابة يحفظها، لأن صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب. والألف في أفرح للاستفهام الإنكاري الإبطالي، وهذه تقتضى أن ما بعدها غير واقع وأن مدعيه كاذب، ووجهه إفادة هذه الهمزة نفى ما بعدها ولزوم ثبوته إن كان منفيا لأن نفى النفي إثبات، ومنه (أليس الله بكاف عبده) ولهذا عطف (ووضعنا) على (ألم نشرح لك صدرك) لما كان معناه شرحنا، ومثله (ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى) ولهذا كان قول جرير في عبد الملك:
ألستم خير من ركب المطايا * وأندى العالمين بطون راح مدحا، بل قيل إنه مدح بيت قالته العرب، ولو كان على الاستفهام الحقيقي لم يكن مدحا، وقبل البيت:
إن كنت أزننتنى بها كذبا * جزء فلاقيت مثلها عجلا أي يا جزء قتل لهذا الشاعر أخوه فاتهم بأنه سر بأخذ الدية فقال فيه يقال أزننته به: أي اتهمته. والرزء:
النقصان. والشصائص جمع شصوص: وهى الناقة القليلة اللبن. والنبل: الصغار، وهو من الأضداد وأنه جمع نبيل ككريم وكرم، وروى في الشعر نبل بضم النون جمع نبلة. قوله أفرح: هو كلام منكر الفرحة برزية الكرام ووراثة الذود مع تعريه من حرف الإنكار لانطوائه تحت حكم القول من قال له: أتفرح بموت أخيك وبوارثة إبله؟ والذي طرح لأجله حرف الإنكار إرادة أن يصور قبح ما رزئ فيه، فكأنه قال: نعم مثلي يفرح برزء الكرام، وبأن يستبدل بهم زودا يقل طائله وهو من التسليم الذي تحته كل الإنكار. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة القتال عند قوله تعالى (ومثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار) إلى قوله (كمن هو خالد في النار) حيث عرى من حرف الإنكار فيها زيادة تصوير لمكابرة من يسوى بين المتمسك بالبينة والتابع لهواء، وأنه بمنزلة من يثبت التسوية بين الجنة التي فيها تلك الأنهار وبين النار التي يلقى أهلها الحميم.
(إن يعاقب يكن غراما وإن يعط * جزيلا فإنه لا يبالي) في سورة الفرقان عند قوله تعالى (إن عذابها كان غراما) هلاكا وخسرانا ملما لازما، والجزيل: العطاء الكثير وأجزل العطاء، ولا يبالي من المبالاة وهو الاكتراث. يقول: إن يعاقب الأعداء يكن غراما لهم، وإن يعط الأولياء فإنه لا يبالي من إعطاء الكثير.
(لقد كذب الواشون ما فهت عندهم * بسر ولا أرسلتهم برسول) في سورة الشعراء عند قوله تعالى (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) حيث أفرد الرسول لأنه مصدر وصف به فإنه مشترك بين المرسل والرسالة ولذلك ثنى تارة وأفرد أخرى، أو لا تفاقهما على شريعة واحدة، أو أريد أن كل واحد منا، وقبل البيت:
حلفت برب الراقصات إلى منى * خلال الملا يمددن كل جديل وبعده:
فلا تعجلي يا عز أن تتفهمي * بنصح أتى الواشون أم بحبول خلال الملا: وسط الناس. والجديل: الحبل المفتول. والحبول جمع حبل.
(٤٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 ... » »»
الفهرست