تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٠٣
في سورة الحجرات عند قوله تعالى (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) من جهة أن اللام هي التي في قولك أنت لهذا الأمر، ومنه في يوم الشفاعة " أنت لها " وعليه: - أنت لها أحمد من بين البشر * والهمزة للنداء. وعداء: اسم رجل يرثيه ويقول على طريق التحسر والتوجع: من يأوى الأضياف ويتفقد اليعملات، وهى النوق السراع. والوجى: الحفاء كانت داره وفناؤه عامرة للعفاة ومجمعا للأضياف، فقال تحسرا: من يؤويهم وقد بهرهم السعي، ومن ينزل الضيفان وقد أمهلهم الدأب حتى خفت رواحلهم وحتى بيتوا لنزول ميلا إلى راحتهم.
(أتت رذايا باديا كلالها * قد محنت واضطربت آطالها) في سورة الحجرات عند قوله تعالى (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) فإن حقيقة التقوى لا تعلم إلا عند المحن والشدائد الاصطبار عليها والامتحان، افتعال من محنة: وهو اختبار بليغ أو بلاء جهيد، وأنشد: أتت رذايا الخ: أي أتت النوق الرذايا المهزولة من السير جمع رزية. والأطل: الخاصرة وجمعها آطال.
(وأكذب النفس إذا حدثتها) إن صدق النفس يزرى بالأمل غير أن لا تكذبنها في التقى * وأجرها بالبر لله الأجل في سورة ق عند قوله تعالى (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه) والوسوسة: الصوت الخفى وسواس الحلى، ووسوسة النفس: ما يخطر ببال الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس، قال الأصمعي:
هو مأخوذ من قول لبيد:
وإذا هممت بأمر شر فاتئد * وإذا هممت بأمر خير فافعل وسئل بشار: أي بيت قالته العرب أشعر؟ قال: إن يفضل بيت واحد على الشعر كله ليس بسديد، ولكنه أحسن لبيد في قوله * وأكذب النفس إذا حدثتها * أي لا تحدث نفسك بأنك لا تظفر فإن ذلك يثبطك عن العز ونيل الأمل في أمر الآخرة، وهو من أقوى الأسباب في الغفلة عنها وقلة الاستعداد لها، والآمال في الدنيا رحمة من الله تعالى حتى عمر بها الدنيا وتم صلاحها، قال عليه الصلاة والسلام: " الأمل رحمة من الله تعالى لأمتي، ولولا ذلك ما غرس غارس شجرة ولا أرضعت أم ولدا " قال الشاعر:
وللنفوس وإن كانت على وجل * من المنية آمال تقويها فالمرء يبسطها والدهر يقبضها * والنفس تنشرها والموت يطويها (نقبوا في البلاد من حذر الموت * وجالوا في الأرض كل مجال) للحرث بن كلدة، في سورة ق عند قوله تعالى (فنقبوا في البلاد) أي حرفوا في البلاد ودوخوا، والنقب:
التنقير عن الأمر والبحث والتطلب، قال امرؤ القيس:
وقد نقبت في الآفاق حتى * رضيت من الغنيمة بالإياب قال تعالى (فنقبوا في البلاد هل من محيص).
(يا سائلي إن كنت عنها تسأل * مرت بأعلى السحرين تذأل) في سورة القمر عند قوله تعالى (إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر) أي بقطع من الليل وهو
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست