تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٧٢
ضربته الريح، وكذلك حبك الشعر آثار تثنيه وتكسره، كما قال زهير: مكلل الخ، يصف غديرا، وهو مجرور على الوصف لماء في قوله سابقا حتى استغاثت بماء مكلل ذلك الماء بأصول النبات فصارت حوله كالإكليل يقال روضة مكللة: محفوفة بالأنوار. والخريق: الريح الباردة الشديدة الهبوب. والضاحي: الظاهر. وحبك الماء: طرائقه.
(لئن هجرت أخا صدق ومكرمة * فقد مريت أخا ما كان يمريكا) في سورة النجم عند قوله تعالى (أفتمارونه على ما يرى) من المراء: وهو الملاحاة والمجادلة واشتقاقه من مري الناقة، كأن كل واحد من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه، وقرئ أفتمرونه أفتغلبونه في المراء من ماريته فمريته، ولما فيه من معنى الغلبة عدى بعلى كما تقول غلبته على كذا. وقيل أفتمرونه: أفتجحدونه، وأنشدوا:
لئن هجرت أخا صدق الخ. يقول: لئن هجرتني وأنا أخو صدق ومكرمة لقد جحدت حق أخ وفي ما كان يجحد حقك، وقريب من هذا المعنى قوله * أضاعوني وأي فتى أضاعوا * الخ، وما أحرى هذا المهجور أن ينشد قول الشاعر:
إن كنت أزمعت على هجرنا * من غير ما جرم فصبر جميل وإن تبدلت بنا غيرنا * فحسبنا الله ونعم الوكيل (لا هم إن المرء يمنع * أهله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم * ومحالهم عدوا محالك جروا جموع بلادهم * والفيل كي يسبوا عيالك عمدوا حماك بكيدهم * جهلا وما رقبوا جلالك إن كنت تاركهم وكعبتنا * فأمر ما بدا لك) في سورة قريش (لا هم) أصله اللهم: يعني المرء يمنع الأعداء من إغارة أهله فامنع الأعداء عن حرمك.
يقال قوم حل وحلال: إذا كانوا مقيمين مجاورين، يريد سكان الحرم. والصليب: الصنم. والعدو: الظلم، وقيل غدوا بالغين المعجمة، وأصل الغد: اليوم الذي بعد يومك، ولكنه لم يرد اليوم الذي بعد يومه وإنما أراد ما قرب من الأوقات المستقبلة، وقد يجري مثل هذا النحو في الأمس واليوم. والمحال: من المكيدة، والمماحلة:
المماكرة، أي لا ينبغي أن يغلب صليبهم ومكرهم ظلما محالك، وقيل المحال: القوة. وقوله: جروا جموع بلادهم والفيل: كان معهم فيل عظيم جسيم اسمه محمود لم ير مثله في الأرض، وقيل كان معهم اثنا عشر فيلا. قيل إن أبرهة جد النجاشي أخذ لعبد المطلب مائة بعير، فخرج إليه فيها فجهره وكان رجلا جسيما وسيما، وقيل له: هذا سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في المجاعة والوحوش في رؤوس الجبال، فلما ذكر حاجته قال:
سقطت من عيني جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم في قديم الدهر فألهاك عنه طلب المال، فقال: أنا رب الإبل وللبيت رب يحفظه. ثم رجع وأتى باب البيت وأخذ بحلقته وقال الأبيات:
(يا رب لا أرجو لهم سواكا * يا رب فامنع منهم حماكا إن عدو البيت من عاداكا * أمنعهم أن يخربوا فناكا)
(٤٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 ... » »»
الفهرست