أو غير ذلك، فاستعيرت لما يتوسل به إلى الله من فعل الطاعات وترك المعاصي. واسل: أي يتوسل ويطلب القرب منه، ومعناه: أن الناس لا يدرون ما هم فيه من خطر الدنيا وسرعة فنائها، وكل ذي عقل يتوسل إلى الله بطاعته وعمل صالح. والبيت للبيد بن ربيعة العامري من قصيدته المشهورة التي مدح بها النعمان، وهي أكثر من خمسين بيتا أولها:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول * أنحب فيقضى أم ضلال وباطل؟
أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم * ألا كل ذي لب إلى الله واسل ألا كل شئ ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل وكل أناس سوف تدخل بينهم * دويهية تصفر منها الأنامل وكل امرئ يوما سيعلم سعيه * إذا حصلت عند الإله المحاصل إذا المرء أسرى ليلة خال أنه * قضى عملا والمرء ما دام عامل فقولا له إن كان يقسم أمره * ألما يعظك الدهر أمك هابل فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب * لعلك تهديك القرون الأوائل فتعلم أن لا أنت مدرك ما مضى * ولا أنت مما تحذر النفس وائل فإن لم تجد من دون عدنان والدا * ودون معد فلترعك العواذل (أخو ثقة لا يهلك الخمر ماله * ولكنه قد يهلك المال نائله تراه إذا ما ما جئته متهللا * كأنك تعطيه الذي أنت سائله فمن مثل حصن في الحروب ومثله * لإنكار ضيم أو لخصم يحاوله) هو لزهير. في سورة الأنعام عند قوله تعالى (قد نعلم إنه ليحزنك) من جهة أن قد بمعنى رب التي تجئ لزيادة الفعل وكثرته في نحو قوله:
فإن تمس مهجور الفناء فربما * أقام به بعد الوفود وفود يقول: إن جوده جود ذاتي لا يزيد بالكسر ولا ينقص بالصحو بل سواء في الحالتين. وقوله متهللا: أي ضاحكا، وقد يهلك: أي كثيرا. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة النور عند قوله تعالى (قد يعلم ما أنتم عليه) فإن قد لتوكيد العلم ورجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد.
(على أنها قالت عشية زرتها * جهلت على عمد ولم تك جاهلا) في سورة الأنعام عند قوله تعالى (إنه من عمل منكم سوءا بجهالة) قال الزمخشري: وفيه معنيان: أحدهما أنه فاعل فعل الجهلة لأن من عمل ما يؤدى إلى الضرر في العاقبة وهو عالم بذلك أو ظان فهو من أهل السفه والجهل لا من أهل الحكمة والتدبير، ومنه قوله: على أنها قالت الخ. أي جاهل بما يتعلق به من المكروه والمضرة، ومن حق الحكيم أن لا يقدم على شئ حتى يعلم كيفيته وحاله ولا يشترى الحلم بالجهل ولا الأناة بالطيش، ولا الرفق بالخرق كما قال:
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم * فإني شريت الحلم بعدك بالجهل