قولها جلف عليف: أرادت به معلوف، ويروى من علج عنيف. قال أبو الحجاج: تعني بذلك معاوية لقوته وشدته مع سمنه ونعمته.
(إني على ما ترين من كبرى * أعرف من أين تؤكل الكتف) في سورة إبراهيم عند قوله تعالى (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر) بمعنى مع كما في البيت وهو في موضع الحال، معناه: وهب لي وأنا كبير في حال الكبر. يقول: إني مع ما ترين يا محبوبة من كبرى أعرف الأشياء حق معرفتها لأني مارستها طول الزمان وما أصابني خرف. يضرب هذا المثل للرجل الداهي. قال بعضهم: تؤكل الكتف من أسفلها ومن أعلى يشق عليك. ويقولون: تجري المرقة بين لحم الكتف والعظم، فإذا أخذتها من أعلى جرت عليك المرقة وانصبت، وإذا أخذتها من أسفلها انقشرت عن عظمها وبقيت المرقة كأنها ثابتة (أزهير هل عن شيبة من مصرف * أم لا خلود لباذل متكلف) في سورة الكهف عند قوله تعالى (ولم يجدوا عنها مصرفا) أي معدلا، وزهير ترخيم زهيرة اسم امرأة، والبيت لأبي كبير الهذلي: أي يا زهيرة هل انصراف عن الشيب، والاستفهام للإنكار: أي لا يقدر أحد أن ينصرف عنه فيأخذ غير طريقه، أم لا خلود لأحد يبذل ما عنده ويتكلف بذله على مشقته، وأراد بقوله أم لا خلود أنه لا مصرف عن الشيب، لأنه لو كان عنه مصرف لأمكن الخلود.
(وقالت حنان ما أتى بك ههنا * أذو نسب أم أنت بالحي عارف) أنشد سيبويه هذا البيت في كتابه ولم يعزه إلى أحد. واستشهد به في سورة مريم عند قوله تعالى (وحنانا من لدنا) وقيل لله حنان كما قيل رحيم على سبيل الاستعارة. وقال ابن عباس: كل القرآن أعلمه إلا أربعا: غسلين، وحنان، والأواه، والرقيم. كأن الشاعر أنكر مجيئه إلى الحي فقال له: قل رحمة منك ما أتى بك إلى هنا أقريب ذو نسب أتى بك، والبيت لمنذر بن درهم الكلبي، وقبله:
وأحدث عهد من أمينة نظرة * على جانب العلياء إذ أنا واقف وبعده البيت، وهو خبر مبتدأ محذوف: أي الذي أتى بك عندنا أو أمرنا حنان، ومنه قوله:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا * حنانيك بعض الشر أهون من بعض (وذبيانية وصت بنيها * بأن كذب القراطق والقروف) في سورة العنكبوت عند قوله تعالى (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا) ووصى حكمه حكم أمر كما تقول:
وصيت زيدا أن يفعل كذا: أي أمرته، ومنه قوله تعالى (ووصى بها إبراهيم بنيه) أي وصاهم بكلمة التوحيد وأمرهم بها: أي امرأة ذبيانية، وذبيان: اسم قبيلة. وكذب معناه الإغراء: أي عليكم به. قال في الصحاح:
وكذب قد تكون بمعنى وجب، وفي الحديث " ثلاثة أسفار كذبن عليكم " قال ابن السكيت: كأن كذب ههنا إغراء: أي عليكم به وهي كلمة نادرة جاءت على غير قياس. وجاء عن عمر رضي الله عنه: كذب عليكم الحج:
أي وجب. قال الأخفش: فالحج مرفوع بكذب ومعناه كتب، لأنه يريد أن يأمر بالحج كما يقال أمكنك الصيد:
أي ارمه، قال الشاعر:
كذب العقيق وماء شن بارد * إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي