تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٥٩
والقراطق جمع القرطق: وهي القطيفة المخملة. والقروف: أوعية من أدم، وقيل القروف: شئ من جلود يجعل فيه اللحم المطبوخ بالتوابل. يصف امرأة ذبيانية وصت بنيها بحفظ القراطق والقروف.
(أخوك الذي لا تملك الحس نفسه * وترفض عند المحفظات الكتائف) في سورة الأحزاب عند قوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال) المراد بالأمانة:
الطاعة، وعرضها على الجمادات وإباؤها وإشفاقها مجاز، وأما حمل الأمانة فمن قولك فلان حامل الأمانة ومحتمل لها، يريد أنه لا يؤديها إلى صاحبها حتى تزول عن ذمته، لأن الأمانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها وهو حاملها، ألا ترى أنهم يقولون: ركبته الديون ولي عليه حق، ونحوه قولهم: لا يملك مولى لمولى نصرا يريدون أنه يبذل له النصرة ويسامحه بها ولا يمسكها كما يمسكها الخاذل، ومنه قول القائل أخوك الذي الخ: أي لا يمسك الرقة والعطف إمساك المالك الضنين ما في يده بل يبذل ذلك ويسمح به، ومنه قولهم أبغض حق أخيك لأنه إذا أحبه لم يخرجه إلى أخيه ولم يؤده، وإذا أبغضه أخرجه وأداه، والحس مصدر قولك حس له، أي رق له، والبيت لذي الرمة، وأحفظه إذا أغضبه ومنه بيت الحماسة:
إذا لقام بنصري معشر خشن * عند الحفيظة إن ذو لوثة لأنا وارفضاض الدمع: ترششه. والكتيفة: السخيمة والحقد: أي لا يمسك. والمعنى: أخوك الذي إن أصابك من أحد ما يسوءك يغضب لك وترتعد كتائفه منه ولا تملك نفسه الحس والعقل والنظر في العواقب في تأخير الإنتقام.
والمحفظات من أحفظه: إذا أغضبه. والكتيفة: الضغينة أي هو الذي إذا رآك مظلوما رق لك وذهب حقده.
(ما أنس سلمى غداة تنصرف * تمشي رويدا تكاد تنغرف) في سورة ص عند قوله تعالى (ولي نعجة واحدة) في قراءة ابن مسعود: ولي نعجة أنثى، كأنه وصفها بالعراقة في لين الأنوثة وفتورها. والغرف: غرفك الماء باليد وبالمغرفة. فرس غراف: كثير الأخذ من الأرض بقوائمه. وصفها بالأناة والتؤدة وأنها تكاد تنغرف من الأرض بوطئها إياها: أي قريب من ذلك، وسيأتي لهذا زيادة إيضاح عند شرح قوله:
فتور القيام قطيع الكلام * لعوب العشاء إذا لم تنم (أودى جميع العلم مذ أودى خلف * من لا يعد العلم إلا ما عرف راوية لا يجتنى من الصحف * فليذم من العياليم الخسف) في سورة المؤمن عند قوله تعالى (وقال الذين في النار لخزنة جهنم) أي للقوام بتعذيب أهلها. قال في الكشاف: إن قلت هلا قيل الذين في النار لخزنتها؟ قلت: لأن في ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا، ويحتمل أن جهنم هي أبعد النار قعرا من قولهم: بئر جهنام بعيدة القعر، وقولهم في النابغة جهنام تسمية بها لزعمهم أنه يلقى الشعر على لسان المنتسب إليه، فهو بعيد الغور في علمه بالشعر، كما قال أبو نواس في خلف الأحمر: فليذم الخ. والشعر لأبي نواس في خلف بن أحمد الأحمر الذي قيل فيه:
خلف بن أحمد أحمد الأخلاف * أربى بسؤدده على الأسلاف قوله راوية: أي كثير الرواية، لا يجتنى العلم من الصحف لأنه محفوظ في صدره. فليذم: أي بئر غزيرة الماء. والعيلم: الركية الكثيرة الماء. والخسف: البعيدة الغور.
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»
الفهرست