الآية نزلت في اليهود والنصارى بقول الله تبارك وتعالى " الذين آتيناهم الكتاب - يعني التورية والإنجيل - يعرفونه - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله - كما يعرفون أبناءهم (1) " لان الله عز وجل قد انزل عليهم في التورية والزبور والإنجيل صفة محمد صلى الله عليه وآله وصفة أصحابه ومبعثه وهجرته وهو قوله " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله رضوانا؟ سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التورية ومثلهم في الإنجيل (2) " هذه صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه في التورية والإنجيل فلما بعثه الله عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله " فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " فكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة ويكون هجرته بالمدينة وهو آخر الأنبياء وأفضلهم، في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة يلبس الشملة ويجتزي بالكسرة والتميرات ويركت الحمار عرية (3) وهو الضحوك القتال يضع سيفه على عاتقه ولا يبالي بمن لاقى يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر وليقتلنكم الله به يا مشعر العرب قتل عاد، فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال الله " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " ومنه كفر البراءة وهو قوله " ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض " اي يتبرأ بعضكم من بعض، ومنه كفر الشرك لما امر الله وهو قوله " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر " اي ترك الحج وهو مستطيع فقد كفر، ومنه كفر النعم وهو قوله " ليبلوني أأشكر أم اكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر " - اي ومن لم يشكر - نعمة الله فقد كفر فهذه وجوه الكفر في كتاب الله.
(٣٣)