أنفسكم ولا تتبعوا عورات الناس ولا تذكروهم فإنه لا يضركم ضلالتهم إذا كنتم أنتم صالحين.
وقوله (يا أيها الناس آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ان أنتم ضربتم في الأرض فأصابكم مصيبة الموت) فإنها نزلت في ابن بندي ابن أبي مارية النصرانيين، وكان رجل يقال له تميم الدارمي مسلم خرج معهما في سفر، وكان مع تميم خرج ومتاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب ليبيعها، فلما مروا بالمدينة اعتل تميم فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بندي وابن أبي مارية وأمرهما ان يوصلاه إلى ورثته فقدما المدينة وأوصلا ما كان دفعه اليهما تميم وحبسا الآنية المنقوشة والقلادة، فقال ورثة الميت هل مرض صاحبنا مرضا طويلا انفق فيه نفقة كثيرة؟ فقالا ما مرض إلا أياما قليلة، قالوا فهل سرق منه شئ في سفر؟ قالا لا، قالوا فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ فقالا لا، قالوا فقد افتقدنا انبل شئ كان معه آنية منقوشة بالذهب مكللة وقلادة قالا ما دفعه الينا قد أديناه إليكم، فقدموهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأوجب عليهما اليمين فحلفا وأطلقهما، ثم ظهرت القلادة والآنية عليهما فأخبروا ورثة الميت رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فانتظر الحكم من الله، فأنزل الله " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " يعني من أهل الكتاب " ان أنتم ضربتم في الأرض " فأطلق الله شهادة أهل الكتاب علي الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلم ثم قال (فاصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة يعني صلاة العصر (فيقسمان بالله ان ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله انا إذا لمن الآثمين) فهذه الشهادة الأولى التي أحلفها رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال عز وجل (فان عثرا على أنهما استحقا اثما) اي حلفا على كذب (فآخران