الفصل الثاني في معنى قوله تعالى * (إن الله على كل شئ قدير) * إذا فهمنا جواب الاشكالات المتقدمة والرد عليها التي أوردناها في الفصل الأول قبل صفحات تبين لنا بكل وضوح ما يدور حول قوله تعالى * (إن الله على كل شئ قدير) * فيكون معنى الآية الكريمة:
إن الله على كل مخلوق قدير، والمخلوق هنا هو الشئ الجائز وجوده عقلا، فخرج بذلك الواجب وهو الله تعالى (ذاتا وصفات) لقوله تعالى * (ليس كمثله شئ) * ولقوله أيضا * (ولم يكن له كفوا أحد) *، وكذلك خرج الامر المستحيل لقوله تعالى * (حتى يلج الجمل في سم الخياط) * إذ بين سبحانه بأن من المستحيلات دخول هذا الجمل العظيم جسما في ثقب الإبرة الدقيق.
ومثل ذلك تخصيص قوله تعالى * (كل شئ هالك إلا وجهه) * فلا يصح بأن يثبت المجسم من هذه الآية بان الأعضاء الأخرى التي يسميها صفات كاليد والرجل والقدم والساق والحقو والجنب والذراع رما إلى ذلك تفنى جميعها ولا يبقى منها يومئذ إلا عضو واحد وهو ما يسميه صفة الوجه، فإن قال بذلك كفر باتفاق المسلمين جميعا!!!