عمارة به، وخرجه مسلم في (صحيحه) عن أبي خيثمة إلا أنه لم يذكر لفظه بتمامه، وخرجه البخاري من وجه آخر بغير هذا اللفظ، (ولم يزل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون يخافون النار ويخوفون منها).
فأما ما يذكر عن بعض العارفين من عدم خشية النار فالصحيح منه له وجه، سنذكره إن شاء الله تعالى.
قال ابن المبارك: أنبأني عمر بن عبد الرحمن بن مهدي، سمعت وهب بن منبه، يقول: قال حكيم من الحكماء إني لأستحي من الله عز وجل أن أعبده رجاء ثواب الجنة، - أي فقط - فأكون كالأجير السوء، إن أعطي عمل، وإن لم يعط لم يعمل، وإني لأستحي من الله أن أعبده مخافة النار، أي فقط، فأكون كعبد السوء، إن رهب عمل وإن لم يرهب لم يعمل، وإنه يستخرج حبه مني ما لا يستخرجه مني غيره. خرجه أبو نعيم بهذا اللفظ، وفي تفسير لهذا الكلام من بعض رواته، وهو أنه ذم العبادة على وجه الرجاء وحده أو على وجه الخوف وحده، وهذا حسن.
وكان بعض السلف يقول: من عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف والرجاء والمحبة فهو موحد مؤمن، وسبب هذا أنه يجب على المؤمن أن يعبد الله بهذه الوجوه الثلاثة: المحبة والخوف والرجاء، ولا بد له من جميعها، ومن أخل ببعضها فقد أخل ببعض واجبات الإيمان، وكلام هذا الحكيم يدل على أن الحب ينبغي أن يكون أغلب من الخوف والرجاء.