تأخر؟ قال: (أفلا أكون عبدا شكورا).
والملحظ الثاني: أن أكمل الخوف والرجاء ما تعلق بذات الحق سبحانه، دون ما تعلق بالمخلوقات في الجنة والنار، فأعلى الخوف خوف البعد والسخط والحجاب عنه سبحانه، كما قدم سبحانه ذكر هذا العقاب لأعدائه على صليهم النار في قوله:
(كلا إنهم عن ربهم يؤمئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم) [المطففين: 15، 16].
وقال ذو النون: خوف النار عند خوف الفراق كقطرة في بحر لجي، كما أن أعلى الرجاء ما تعلق بذاته سبحانه من رضاه ورؤيته ومشاهدته وقربه، ولكن قد يغلط بعض الناس في هذا، فيظن أن هذا كله ليس بداخل في نعيم الجنة ولا في مسمى الجنة إذا أطلقت، ولا في مسمى عذاب النار أو في مسمى النار إذا أطلقت، وليس كذلك.
وبقي ها هنا أمر آخر، وهو أن يقال: ما أعده الله في جهنم من أنواع العذاب المتعلق بالأمور المخلوقة لا يخافها العارفون، كما أن ما أعده الله في الجنة من أنواع النعيم المتعلق بالأمور المخلوقة لا يحبه العارفون ولا يطلبونه. وهذا أيضا غلط، والنصوص الدالة على خلافه كثيرة جدا ظاهرة. وهو أيضا مناقض لما جبل الله عليه الخلق من محبة ما يلائمهم وكراهة ما ينافرهم، وإنما صدر مثل هذا الكلام ممن صدر منه في حال سكره واصطلامه واستغراقه وغيبة عقله، فظن أن العبد لا يبقى له إرادة له أصلا، فإذا رجع إليه عقله وفهمه علم أن الأمر على خلاف ذلك.
ونحن نضرب لذلك مثلا يتضح به هذا الأمر إن شاء الله تعالى. وهو أن أهل