السير الذي ينتهي إلى أصل الجحيم، فقالوا: إذا خلا العدد انقضى الأجل، فلا عذاب، وتذهب جهنم وتهلك، فذلك قوله: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) يعنون بذلك الأجل، فقال ابن عباس: لما اقتحموا من باب جهنم، ساروا في العذاب، حتى انتهوا إلى شجرة الزقوم آخر يوم من الأيام المعدودة، وهي أربعون سنة، فلما أكلوا من شجرة الزقوم وملؤوا البطون آخر يوم من الأيام المعدودة، قال لهم خزنة سقر: زعمتم أنكم لن تمسكم النار إلا أياما معدودة، وقد خلا العدد، وأنتم في الأبد، فأخذ بهم في الصعود في جهنم يرهقون، ففي هذه الرواية عن ابن عباس، أن قعر جهنم ومسافة عمقها أربعون عاما، وأن ذلك هو معنى ما في التوراة، ولكن اليهود حرفوه، فجعلوه مسافة ما بين طرفيها، وزعموا أنه إذا انقضت هذه المدة، أن جهنم تخرب وتهلك، فإن ذلك من كذبهم على الله، وتحريفهم التوراة.
فصل [سعة جهنم طولا وعرضا] وأما سعة جهنم طولا وعرضا، فروى مجاهد، عن ابن عباس، قال: أتدرون ما سعة جهنم؟ قلنا: لا، قال: أجل، والله ما تدرون، أن ما بين شحمة أذن أحدهم وأنفه مسيرة سبعين خريفا، تجري فيه أودية القيح والدم، قلنا: أنهار؟
قال: لا، بل أودية، ثم قال: أتدرون ما سعة جهنم؟ قلنا: لا، قال: حدثتني عائشة، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن قوله تعالى:
(والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) [الزمر: 67].
فأين الناس يومئذ؟ قال: (على جسر جهنم) خرجه الإمام أحمد، وخرج النسائي والترمذي منه المرفوع، وصححه الترمذي، وخرجه الحاكم وقال: صحيح الاسناد.